للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أليس ايمانه معه..؟؟

ألم يحتفظ بكل سيادة ضميره، وبكل حقه في مصيره..؟؟

ما الجوع اذن، وما الحرمان، وما العذاب..؟؟

واذا وجد انسان نفسه مع حق عظيم كهذا الحق الذي يدعو اليه محمد رسول الله، فهل بقي في العالم كله شيء ثمين لم يمتلكه من ربح نفسه في صفقة، الله صاحبها وواهبها ... ؟؟

وهكذا راح خالد بن سعيد يقهر العذاب بالتضحية، ويتفوق على الحرمان بالايمان..

وحين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه المؤمنين بالهجرة الثانية الى الحبشة، كان خالد بن سعيد، ممن شدّوا رحالهم اليها..

ويمكث خالد هناك الى ما شاء الله ان يمكث، ثم يعود مع اخوانه راجعين الى بلادهم، سنة سبع، فيجدون المسلمين قد فرغوا لتوهم من فتح خيبر..

ويقيم خالد بالمدينة وسط المجتمع المسلم الجديد الذي كان أحد الخمسة الأوائل الذين شهدوا ميلاده، وأسسوا بناءه، ولا يغزو النبي غزوة، ولا يشهد مشهدا، الا وخالد بن سعيد من السابقين..

وكان خالد بسبقه الى الاسلام، وباستقامة ضميره ونهجه موضع الحب والتكريم..

كان يحترم اقتناعه فلا يزيفه ولا يضعه موضع المساومة.

قبل وفاة الرسول جعله عليه السلام واليا على اليمن..

ولما ترامت اليه أنباء استخلاف أبي بكر، ومبايعته غادر عمله قادما الى المدينة..

وكانه يعرف لأبي بكر الفضل الذي لا يطاول..

بيد أنه كان يرى أن أحق المسلمين بالخلافة واحد من بين هاشم:

العباس مثلا، أو عليّ ابن أبي طالب..

ووقف الى جانب اقتناعه فلم يبايع أبا بكر..

وظل أبو بكر على حبه له، وتقديره اياه لا يكرهه على أن يبايع، ولا يكرهه لأنه لم يبايع، ولا يأتي ذكره بين المسلمين الا أطراه الخليفة العظيم، وأثنى عليه بما هو أهله..

ثم تغيّر اقتناع خالد بن سعيد، فاذا هو يشق الصفوف في المسجد يوما وأبو بكر فوق المنبر، فيبايعه بيعة صادقة وثقى..

**

ويسيّر أبا بكر جيوشه الى الشام، ويعقد لخالد بن سعيد لواء، فيصير أحد أمراء الجيش..

ولكن يحدث قبل أن تتحرك القوات من المدينة أن يعارض عمر في امارة خالد بن سعيد،

<<  <   >  >>