للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سيّدكم يا بني سلمة..؟

قالوا: الجدّ بن قيس، على بخل فيه..

فقال عليه الصلاة والسلام:

وأي داء أدوى من البخل!!

بل سيّدكم الجعد الأبيض، عمرو بن الجموح..

فكانت هذه الشهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تكريما لابن الجموح، أي تكريم..!

وفي هذا قال شاعر الأنصار:

فسوّد عمرو بن الجموح لجوده

وحق لعمرو بالنّدى أن يسوّدا

اذا جاءه السؤال أذهب ماله

وقال: خذوه، انه عائد غدا

وبمثل ما كان عمرو بن الجموح يجود بماله في سبيل الله، أراد أن يجود بروحه وبحياته..

ولكن كيف السبيل؟؟

ان في ساقه عرجا يجعله غير صالح للاشتراك في قتال.

وانه له أربعة أولاد، كلهم مسلمون، وكلهم رجال كالأسود، كانوا يخرجون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزو، ويثابرون على فريضة الجهاد..

ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر فتوسّل أبناؤه الى النبي صلى الله عليه وسلم كي يقنعه بعدم الخروج، أ، يأمره به اذا هو لم يقتنع..

وفعلا، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الاسلام يعفيه من الجهاد كفريضة، وذلك لعجزه الماثل في عرجه الشديد..

بيد أنه راح يلحّ ويرجو.. فأمره الرسول بالبقاء في المدينة.

**

وجاءت غزوة أحد فذهب عمرو الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل اليه أن يأذن له وقال له:

" يا رسول الله انّ بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك الى الجهاد..

ووالله اني لأرجو أن، أخطر، بعرجتي هذه في الجنة"..

وأمام اصراره العظيم أذن له النبي عليه السلام بالخروج، فأخذ سلاحه، وانطلق يخطر في حبور وغبطة، ودعا ربه بصوت ضارع:

" اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني الى أهلي".

والتقى الجمعان يوم أحد..

وانطلق عمرو بن الجموح وأبناؤه الأربعة يضربون بسيوفهم جيوش الشرك والظلام..

كان عمرو بن الجموح يخطر وسط المعمعة الصاحبة، ومع كل خطرة يقطف سيفه رأسا من رؤوس الوثنية..

<<  <   >  >>