للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض العلماء (١): الخط كالروح في الجسد، فإذا كان الإنسان جميلاً وسيماً حسن الهيئة كان في العيون أعظم، وفي النفوس أفخم، وبضد ذلك تسأمه النفوس. فكذلك الخط إذا كان حسن الوصف، مليح الرصف، مفتح العيون، أملس المتون، كثير الائتلاف، قليل الاختلاف، هشت إليه النفوس واشتهته الأرواح، حتى إن الإنسان ليقرؤه - وإن كان فيه كلام دنئ، ومعنى ردئ - مستزيداً منه ولو كثر، من غير سأم يلحقه ولا ضجر. وإن كان الخط قبيحاً مجته الأفهام، ولفظته العيون والأفكار، وسئمه قارئه وإن كان فيه من الحكمة عجائبها، ومن الألفاظ غرائبها.

وقيل: إن وزن الخط مثل وزن القراءة، فأجود الخط أبينه، كما أن أجود القراءة أبينها (٢).

فحرفة أصول الخط وهندسته، وكيفيته وحقيقته، أشرف من عمله تقليداً من غير تحقيق.

قيل: وصف أحمد بن إسماعيل خطاً فقال: لو كان نباتاً لكان زهراً، ولو كان معدناً لكان تبرا، أو مذاقاً لكان حلواً، أو شراباً لكان صفواً (٣).

وقال عمرو بن مسعدة: الخطوط رياض العلوم، وهي صورة روحها البيان، وبدنها السرعة، وقدمها التسوية، وجوارحها معرفة الفصول، وتصنيفها كتصنيف النغم واللّحون.


(١) انظر صبح الأعشى ٣: ٢٠ - ٢١.
(٢) صبح الأعشى ٣: ٢١.
(٣) أدب الكتاب للصولى ٤٥.

<<  <   >  >>