للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينعقد، فإن الإحرام إذا كان] (١) ينعقد بعبارته، فلا ينعقد بعبارة غيره. والثاني - ينعقد الإحرام بعبارة الوليّ من غير مراجعة. وهو ظاهر المذهب، فإن الولاية مطردةٌ عليه بدليل أنه لا يستقل، وهو لصباه مولًّى عليه، فيدوم استقلال الوليّ بالتصرف فيما تفيده الولاية.

ثم إذا انعقد الإحرام في حق الصبي، فكل ما يتأتى منه [يُحمل عليه، وكل ما لا يتأتى منه] (٢) ينوب الوليّ فيه عنه، كالرمي وغيره، ويُطاف به محمولاً، ويُسعى به كذلك.

٢٧٠٥ - ولو بلغ الصبي في أثناء الحج، نُظر: فإن كان ذلك بعد فوات الوقوف، استمر الحج مسنوناً، ولم يقع عن حجة الإسلام. وإن بلغ قبل الوقوف، ووقف وهو بالغ، فالحج يقع عن فرض الإسلام، باتفاق الأصحاب.

وإذا لم يتفق منه رجوعٌ إلى الميقات بعد البلوغ، فهل يجب دم الإساءة؟ فيه قولان مشهوران: أحدهما - يجب، لأن الإحرام الذي جرى من الميقات كان ناقصاًً، وحجُّ الإسلام يستدعي إحراما كاملاً من الميقات. والقول الثاني - لا يجب دمُ الإساءة؛ فإنه لم يسىء، وفَعَل ما في وسعه.

وكان القفال يقول: القولان مبنيان على أن الكمال إذا طرأ على ما صورناه، ووقع الحج عن فرض الإسلام، فنقول: إن الإحرام انعقد نفلاً أوَّلاً، ثم من وقت الكمال انقلب فرضاًً. قال: يجوز أن يقال: الأمر كذلك، وعليه يبتنى وجوبُ دم الإساءة. ويجوز أن يقال: وقع الإحرام على الوَقْف، فلما طرأ الكمال، تبين لنا أن الإحرام في أصله انعقد فرضاًً، ولو طرأ الكمال بعد الوقوف، لبان أن الإحرام وقع نفلاً، وبقي نفلاً.

ثم إن لم نوجب دمَ الإساءة، فلا كلام. وإن أوجبناه، فلو عاد الصبي بعد بلوغه إلى الميقات، ومرّ عليه، فالمذهب أنه لا يلزمه دمُ الإساءة؛ فإنه فعل ما في وسعه أولاً، ثم استفرغ جهده بالعود آخراً. وذكر القفال هذا، وارتضاه. وحكى وجهاً


(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٢) ساقط من الأصل.