للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم حكم الحج إذا فسد وجوبُ المضي فيه إلى تمامه، ثم وجوب القضاء إذا كان الحج تطوعاً، وفيه يظهرُ أثر وجوب القضاء، وتجب الكفارة العظمى، كما سنصفها.

والمرأة إذا مكَّنت، فسد إحرامُها، كما يفسد إحرامه، ثم القول في الكفارة عليها، كالقول في كفارة الوقاع في رمضان، وقد تفصّل القولان توجيهاً وتفريعاً.

فإن أوجبنا الكفارة على الزوج، ولم نوجبها عليها، فهل على الزوج أن يحصّل الحج [لها بمؤنةٍ] (١) من ماله؟ قال الشافعي فيمن يفسد حجه: " قضى وكفّر، وحج من قابل بامرأته ".

واختلف الأئمة في ذلك: فقال بعضهم: هذا واجب عليه وجوبَ الكفارة، وثمنِ ماء الغسل.

وقال آخرون: لا تجب المؤنة عليه. وعليها أن تتكلف ذلك من مالها، فإنها كانت مختارة في تمكينها، والكفارة خارجة عن القياس، مستندة إلى حديث الأعرابي، فلا ينبغي أن تُتَّخذَ أصلاً في كل ما لا نصّ فيه.

ثم قال الشافعي في القديم: " إذا بلغا في القضاء الموضع الذي أفسدا فيه الحجَّ، فُرِّق بينهما " وظاهر هذا يدل على استحقاق ذلك. والذي ذهب إليه الأكثرون أنه استحباب، وهو الذي قطع به الصيدلاني. ومن أصحابنا من رأى ذلك حَتماً، وظن أن الشافعي قال ما قال [عن أثرٍ عنده] (٢) اتبعه.

ومما يتعلق بموجب (٣) الإفساد أنه إذا كان قد أحرم من مسافة بعيدةٍ، وراء الميقات الكائن في صوبه، ثم أفسد الحج، فيلزمه أن يقضي من المسافة التي كان أحرم من مثلها ابتداءَ [الأداء] (٤)، وخالف أبو حنيفة (٥) في ذلك.


(١) بياض بالأصل.
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) (ط) بوجوب الإفساد.
(٤) في الأصل، (ط): أداء.
(٥) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٦٨ مسألة ٥٥٥، والمسألة ذكرها إمام الحرمين في الدرة المضية: مسألة ٢٩٦.