للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلُ الوقف، فلا مردّ له بعد صحته، فأما تفاصيل المصارف، فلا يمتنع تعلُّقُها باختيار الواقف.

٥٧٢٣ - ولا خلاف أنه لو أطلق ذكرَ المصارف، وأتى بالوقف مستجمعاً لشرط الصحة، ثم رام تغييراً، لم يجد إليه سبيلاً.

٥٧٢٤ - فإن صححنا الشرط الذي وصفناه، فلا كلام، وإن أفسدناه فهل يفسد الوقف بفساده؟ فعلى الخلاف الذي قررناه قبلُ في تشبيه الوقف بالعتق والطلاق، أو قطعِه عنهما، فإن أفسدنا الوقفَ، فالملك مستدامٌ، والوقف لاغٍ.

وإن حذفنا الشرطَ، قررنا الوقفَ على المصارف على الإلزام.

٥٧٢٥ - ولو قال الواقف بعد ذكر المصارف: جعلتُ إلى فلان التقديمَ، والأثرةَ، والحرمانَ، فإن لم نصحح من الواقف شرطَ ذلك لنفسه، فلأن لا يصح شرطه ذلك لغيره أولى، وإن صححنا شرطه لنفسه، ففي صحة الشرط للغير وجهان: أصحهما - الفساد، ثم إذا فسد، ففي فساد الوقف الكلامُ المقدم.

٥٧٢٦ - ومسائل الوقف تنتشر من اختلاف ألفاظ الواقفين، وحظ الفقه منها اتباعُ مقتضى الصيغ، وإنما يُحيط بالألفاظ ذَرِبٌ باللغة، وعلمِ اللسان، ماهرٌ فيما يتعلق بمعاني الألفاظ في أصول الفقه (١)، وليس الفقه إلا الإرشادَ إلى ما يصح ويفسد، والدعاءَ إلى اتباع اللفظ.

ثمّ يقع في ألفاظ الواقفين العمومُ والخصوص، والاستثناءات، والكنايات، وهي المتاهة الكبرى، ويجب التثبت عندها، [ليتبيّن] (٢) انصرافُ الضمائر (٣) إلى محالّها.

ومما يتكرر مسيس الحاجة إليه الجمعُ والترتيب، (فالواوُ) جامعةٌ، وكلمة (ثُم) مرتِّبةٌ، فإذا قال: " وقفت على فلان وفلان "، اقتضى ذلك اشتراكَهما، [ولو قال:


(١) عُني إمام الحرمين بمعاني الألفاظ في كتابه (البرهان) في أصول الفقه (ر. الفقرات: ٨٤ - ١١٤).
(٢) في الأصل: لبيتني.
(٣) (د ١)، (ت ٣): الضمان.