للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو ذكر الذين وقف عليهم، وأطال الكلام، في وصف كل قبيلٍ، ثم كان يستفتح في كل صنف كلاماً مستقلاً بنفسه، فلست أرى الاستثناء والوصفَ الواقعين آخراً منصرفَيْن إلى الجمل المتقدمةِ السابقةِ المذكورةِ على صيغ الاستقلال.

وبيان ذلك بالمثال؛ أنه إذا قال: وقفت على أولادي، فمن مات منهم رجع نصيبه إلى أولاده، للذكر مثلُ حظ الأنثيين، ومن لم يعقب رجعت حصتُه إلى الذي في درجته. ثم قال: فإذا انقرضوا، فالريع مصروفٌ إلى إخوتي: فلانٌ، وفلان، وفلان ثم قال: إلا أن يفسق منهم أحد، فهذا يختص بالإخوة عندي.

٥٧٢٩ - وإن أطلق الأصحابُ صرفَ الاستثناء إلى المتقدمين، فكلامُهم (١) محمول على ذكر البطون على التواصل بعاطفٍ جامع، أو عاطف مرتِّب، من غير تخلل كلامٍ يفصل جملةً عن جملةٍ، ويوجب بين البطون اختلافاًً وتفاوتاً، مثل أن يقول: وقفت على أولادي، ثم بعدهم على إخوتي، ثم على أعمامي إلا أن يفسق منهم أحد، فظاهر مذهب الشافعي رجوعُ ذلك إلى الكافة، وما ذكره في عطف الجمل، بعضِها على بعض بالواو أظهر، فإذا كان العطفُ يقتضي ترتيباً، فالصرف إلى جميع المقدَّمين فيه بعضُ النظر والغموض؛ فإن انصراف الاستثناء إلى الذين يليهم الاستثناء مقطوعٌ به، وانعطافه على جميع السابقين والعطف بالحرف المرتِّب محتملٌ غيرُ مقطوع به، وإذا ثبت الاستحقاق بلفظ الواقف نصاً، ولم يثبت ما يغيره، وجب تقرير الاستحقاق، ولم يجز تغييره بمحتملٍ متردَّدٍ.

٥٧٣٠ - فانتظم مما ذكرناه ثلاث مسائل: إحداها - أن يطول الفصل، ويتخلل بين الصنف والصنف فواصل، كما صورناه، فالاستثناء لا ينصرف إلى الجمل السابقة.

وإن كان العطف بثُمَّ، فالذي أراه اختصاص الاستثناء بالمتاخرين.

وإن كان العطف بالواو، ولا فاصل، فمذهبُ الشافعي رجوعُ الاستثناء إلى الجميع، وكذلك القول في الصفة.


(١) في الأصل: وكلامهم.