للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦٠٧٤ - وقد عدنا إلى ترتيب الكلام، فنقول: إذا بلغ من حَكَمْنا له بالإسلام في صباه للتبعية التي وصفناها، فكيف حكمه ما بين البلوغ إلى أن يُعرب عن نفسه بكفرٍ أو إسلام (١)؟

فالرأي أن يقدَّم حكمُ إعرابه عن نفسه، فنقول: إن أعرب عن نفسه بالإسلام، فلا كلام، وقد استقرت الأحكام على موجب التبعية التي وقع القضاء بها.

وإن أعرب عن نفسه بالكفر، فللشافعي قولان: أحدهما - أن نجعله مرتداً.

والقول الثاني -وهو الذي يميل إليه ظاهر النص الذي ذكره المزني- أنا لا نحكم بكونه مرتداً.

توجيه القولين: من حكم بكونه مرتداً، احتج بأن هذا كفرٌ جرى ممّن تقدم له الحكم بالإسلام، فصار كما لو كان حصل العلوق على الإسلام.

ومن قال بالقول الثاني، احتج بأن الصبيّ خلق على الكفر، ثم جرى إسلامُ الوالدين بعد ذلك، فاقتضى تبعيّةً في الإسلام ممزوجةً بالتوقف، فإذا تبينا بإعرابه عن نفسه بالكفر أنه على الكفر الذي فطر عليه، فالنظر إلى إعرابه الآن أولى من النظر إلى تبعيةٍ سبقت، وليس كما لو فطر على الإسلام، فإنه جزءٌ من مسلم، كما قررناه مع قوة الإسلام في العلوق والغلبة.

التفريع على القولين:

٦٠٧٥ - إن حكمنا بكونه مرتداً، لم يخف حكمه، ولم يُنْقَض بردته ما أمضيناه من أحكام إسلامه قبلُ.

وإن حكمنا بأنه كافر أصلي، فنقول أولاً: إن كان الكفر الأصلي بحيث يُقَرُّ عليه بالجزية، فإذا بدا ذلك من هذا الشخص، فإن قبل الجزية، أقررناه. وإن أبى، ألحقناه بدار الحرب، ولم نر اغتياله.

وإذا كان ذلك الكفر مما لا يُقَرُّ عليه بالجزية، لم نقره بها، وألحقناه بدار الحرب.


(١) هذه هي المرتبة الثانية، والثالثة معاً.