للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦١٠٤ - وإن كانت عمداً يوجب مثلُه القصاصَ، فلا يخلو إمَّا أن يكون نفساً، أو طرفاً.

فإن كانت نفساً، فهل يجب القصاص على قاتله؟ وهل للإمام أن يقتص منه؟ الذي نقله المزني أن للإمام أن يقتص، ونقل البويطى عن الشافعي أنه ليس له أن يقتص؛ فنظم الأئمة قولين: أحدهما - ثبوت القصاص.

والثاني - انتفاؤه. ثم اختلفوا في توجيه القولين، ونحن نذكر ما ذكروه، ثم نُفرع على أصل القولين، ومأخذهما ما يتفرع عليهما.

٦١٠٥ - فقال قائلون: وجه قولنا: القصاصُ واجبٌ بناءُ الأمر على أنه محكوم بإسلامه مَعْصُوم الدم، وحق عصمة الدم إيجاب القصاص على القاتل عمداً.

ووجه القول الثاني أن القصاص لا يجب؛ لأنا لو قدرنا وجوبه، نسبنا استحقاقه إلى المسلمين كافة، وفيهم الأطفال والمجانين، فنزل منزلة من قُتل، وفي أوليائه أطفال؛ فإنه لا يجوز استيفاء القصاص دون بلوغهم، وكذلك القول في انتظار إفاقة المجانين. هذه طريقةٌ مشهورة في التوجيه.

ووجّه صاحب التقريب القولين بأن بناهما على أن المسلم بتبعية الدار هل تنفد له أحكام الإسلام أم أمره في الحكم بالإسلام موقوف؟

وقد تقدم هذا.

٦١٠٦ - وكان شيخي يفرّع على اختلاف الطريقين مسائلَ يعددها: إحداها - أن اللقيط لو كان بلغ وأعرب عن نفسه بالإسلام، وقُتل، فكيف سبيل القصاص؟ فمن أخذ القولين من اشتمال المسلمين على الصبية والمجانين، طرد القولين في هذه الصورة.

ومن أخذ القولين من التردد في إسلام اللقيط، قطع القول هاهنا بوجوب القصاص.

والمسألة الأخرى - أن يُقْتَل رجل نسيب، ولا يخفف وارثاً خاصاً، وكان ماله مصروفاً إلى المصالح، فأمره مخرَّجٌ على ما ذكرناه.

والمسألة الأخرى - أن يموت رجل، ويخلف حقَّ قصاصٍ، كان ثبت له في حياته