للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القائل يزعم أن الوصية للوارث كالوصية للقاتل، على قولنا بإبطال الوصية للقاتل، وتلك المسألةُ (١) عند إجازة الورثة مختلف فيها أيضاً، ولكن الأصح أنه لا تنفذ بالإجازة؛ فإنها مردودة شرعاً نازلةً منزلة [أخذ] (٢) القاتل الميراث، وسيأتي ذلك مشروحاً، إن شاء الله عز وجل.

وهذا القائل يحتج من طريق المعنى بأن يقول: لو كانت الوصية للوارث تنفذ لجهة الإجازة، لوجب الحكم بثبوتها في مقدار الثلث من غير حاجة إلى الإجازة؛ فإن مقدار الثلث مستحقٌّ للميت، يصرفه بالحق إلى الجهات التي يبغيها من التبرعات.

هذا كله إذا كان له وارثان، أو ورثة، فأوصى لبعضهم.

٧٣٤٢ - فأما إذا كان له وارث واحد مستغرِق لجميع ماله، كالابن مثلاً، فأوصى له، فالقول في ذلك ينقسم: فإن أوصى له بملك شيء، فهو لغوٌ، لا معنى له؛ فإنه يستحق للكل إرثاً، فكيف يوصي له به.

وإنما يظهر أثر ذلك في الوقف، فلو وقف وله ابنٌ واحد داراً عليه، وكانت مقدار الثلث، فإن قلنا: لو كان له ابنان وأوصى لأحدهما بشيء، وأجاز الثاني، فالوصية مردود غيرُ [نافذة] (٣)، فعلى هذا يكون الوقف في الدار مردوداً إذا أوصى به، أو أنشأه في مرض موته، ولا معنى لإجازة الابن ذلك؛ فإنه لا يجوز وصيةً، تفريعاً على أن الوصية باطلة، لا تنفذ [بالإجازة] (٤)، وإن جعلنا التنفيذ ابتداء أمرٍ (٥)، فالوقف باطل


= وكذا رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن خارجة. (أحمد: ٥/ ٢٦٧، ٤/ ١٨٦، ١٨٧. وأبو داود: البيوع، باب في تضمين العارية، ح ٣٥٦٥، الترمذي: الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، ح ٢١٢٠ وقال: حسن. وح ٢١٢١ وقال: حسن صحيح. النسائي: الوصايا. باب إبطال الوصية للوارث، ح ١٦٤١ - ١٦٤٣. ابن ماجه: الوصايا، باب لا صدقة لوارث ح ٢٧١٣، ٢٧١٢).
(١) أي إجازة الوصية للقاتل.
(٢) مكان كلمة غير مقروءة بالأصل (انظر صورتها).
(٣) في الأصل: غيرنا هذه.
(٤) في الأصل: فالتنفيذ.
(٥) ابتداء أمرٍ: المراد ابتداء عطية.