للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام وعلماء الدين، بناءً على ما ذكرناه، والضابط فيه أن كلَّ قبرٍ يزار تقرباً، فعمارة نعشه لإدامة الزيارة قُربةٌ (١).

وكذلك إذا أوصى الذمي للفقراء أو لجهة من جهات الخير، ولو أوصى بما هو قربة عندنا، وليس قربةً عندهم، مثل أن يوصي بعمارة مساجدنا، فالوصية نافذة على شرطها في محلها.

ولو أوصى بما يكون قربةً عندهم، معصيةً عندنا كعمارة الكنائس والبيع وبيت النيران، فالوصية إذا رفعت (٢) إلينا، أبطلناها.

هذا مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة (٣) وأبو يوسف تجاز هذه الوصية، وكذلك أجازوا الوصية بالخمر والخنزير من ذمي لذمي.

٧٥٤٧ - ومما يتعلق بالفصل وصية الصبي المميز، وفيها قولان للشافعي رضي الله عنه: أحدهما -[أن] (٤) وصيته جائزة، وكذلك تدبيره، وهو مذهب طوائف من العلماء، وقد عُزي هذا القول بتصحيحها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وروي أيضاً عن عثمان وابن عمر رضي الله عنهما.

ورمز الشافعي رضي الله عنه إلى طرفٍ من المعنى، فقال: الوصية لا تنجِّز حجراً، ولا تمنع تصرفاً، فإذا كانت لا تفوّت مقصوداً مالياً، فإن بقي، فالمال عتيد، وإن مات، كانت الوصية ذُخراً.


(١) ما حكاه الإمام عن الشافعي، وعن والده هنا، هو ما استقر عليه المذهب، فقد أقره شيخا المذهب: الرافعي، والنووي. قال في الروضة: "يجوز للمسلم والذمي الوصية لعمارة المسجد الأقصى، وغيره من المساجد، ولعمارة قبور الأنبياء، والعلماء، والصالحين؛ لما فيها من إحياء الزيارة والتبّرك بها" ا. هـ (٦/ ٩٨).
كما أقره المتأخرون من أئمة المذهب واستقروا عليه، انظر على سبيل المثال: حاشية قليوبي على شرح الجلال المحلي على المنهاج (٣/ ١٥٩ سطر ١٢).
(٢) (س): إذا وقعت أبطلناها.
(٣) ر. المبسوط: ٢٨/ ٩٤، الاختيار لتعليل المختار: ٥/ ٨٤.
(٤) زيادة من (س).