للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأقرب على شرط التحرز من صرف الوصية إلى وارثٍ، كما قدمناه، وإذا أردنا أن نتوسع في تصوير الأقرب مع تصحيح الوصية له، فرضنا الكلام في وصية الرجل لأقرب قرابات زيد، فتجري لنا جميع الصور، فنقول أولاً: لسنا نتبع الميراث في هذه القاعدة؛ فإنا نرى قريباً مدلياً [بالعصبة] (١) لا يرث كابن البنت، ويرث أولاد عمومة الجد مع وقوعهم حاشية على البعد، والوصايا تنفذ على مقتضى الألفاظ، فلسنا نحكم إذاً فيما [ننفي] (٢) ونثبت الميراث، ولكنا نتبع لفظ الأقرب، فإن ظهر لنا معناه في مسألة، [تبيّنا] (٣) الجواب قطعاً، وإن ترددنا، أنشأنا ترددنا عن إشكال في معنى اللفظ، ونحن نعلم أن الأقرب يشير (٤) إلى قرب الدرجة، ويشير أيضاً إلى قوة القرابة، هذا معلوم من معنى اللفظ، وما يفهم منه في مجرى العرف.

ومما نمهده قبل المسائل أن الأقرب يتعلّق بجانب الأب والأم جميعاً، والمُدْلي بالجهتين (٥) نقدمه على المختص بإحداهما على الترتيب الذي سنذكره، إن شاء الله عز وجل.

ومن أهم [ما] (٦) يجب الاعتناء به أنه إذا قال: أوصيت لأقربهم لي رحماً، فقد يظن الفقيه أن لفظ الرحم يختص بجانب الأم، وليس الأمر كذلك؛ فإن الرحم المطلق في القرابة لا يعنى به مقرّ (٧) الولد، وإنما شاع هذا اللفظ في القرابة، واللفظ إذا شاع على وجهٍ لم يلتفت إلى اشتقاقه، كالدابة؛ فإنها في الأحكام اللفظية محمولة على حيوان مخصوص، وإن كانت مشتقة من الدبيب.

٧٥٥٤ - فإذا تمهدت هذه الأصول، افتتحنا بعدها المسائل، وخرّجناها على مقتضاها، فلفظ الأقرب يتناول الأب والأم على وجهٍ واحد، والموصى به بينهما


(١) في الأصل: بالوصية.
(٢) في الأصل: فيما نبقي ونثبث، و (س): فيما نبغي ونثبت.
(٣) في الأصل: يثبت.
(٤) (س): أن الأقرب إلى قرب الدرجة يشير.
(٥) (س): بالجهة.
(٦) في الأصل: مما.
(٧) (س): مقدار.