للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصيرها إلى سن اليأس في أقصى نساء العالم لا يغير الاحتياط، وكان لا يبعد عندي أن يتمسك متمسك بهذا؛ فإن سبب الاحتياط في الناسية أنا لا نجد متمسكاً. فالعلم عند الله.

وقد يجوز أن يقال: لو تمادت العدة على ما وصفنا، لعظمت المؤنةُ في السكنى إن كانت بائنة، وهذا يدخل عليه تباعد الحيضة، وكان يليق بتضييق الاحتياط ألاّ تستحق السكنى؛ فإنها مخاطبة بما عليها، وهذا لا بد من إجالة الفكر فيه على الوجه الذي حكاه صاحب التقريب، وفيه احتمال بيّن، والعلم عند الله.

وقد ينقدح هذا الاحتمال إذا جرينا على ظاهر المذهب، وقلنا: إنها تعتد بالأهلة.

[وإذا] (١) قال قائل: لا يمتنع انقضاء عدتها بأقل من ذلك، فلا تثبتوا لها حقَّ السكنى على الزوج إلا في أقل مدة يفرض انقضاء العدة [فيها] (٢).

قلنا: هذا لا قائل به، والأهلّة في حق الناسية أصلٌ معتبر في العدة، يُرجع إليه [في] (٣) جميع قضايا العدة، وعلى هذا يثبت للزوج حقُّ الرجعة في جميع الأهلة المعتبرة؛ فإنا اعتقدنا هذا أصلاً غير مبنيٍّ على الاحتياط، والأهلة في حقها كالأهلة في حق الصغيرة والآيسة، فهذا هو الذي رأينا ذكره من أحكام المستحاضات وما عداه مما اشتمل (سواد المختصر) (٤) عليه كلِّه مستقصىً في كتاب الحيض.

٩٧٧٩ - ثم ذكَرَ التلفيق (٥) وهو باب كبير من أبواب الحيض، وحظّ العدة منه لائح، فإذا كانت ترى يوماًً دماً ويوماً نقاءً، وفرعنا على أنها في أيام النقاء طاهرة، فلا


(١) في الأصل: إذا (بدون الواو).
(٢) في الأصل: فيه.
(٣) في الأصل: من.
(٤) هنا جمع بين لفظ (السواد) و (المختصر) فأضاف السواد إلى المختصر، ولعل هذا يرجح أن لفظ السواد معناه (المتن) أو (الأصل)، فكأنه قال: متن المختصر، أو صلب المختصر، أو أصل المختصر. والله أعلم. وقد سبق أنه ورد مثلُ هذا، وعلقنا عليه في موضعه.
(٥) ر. المختصر: ٥/ ٧.