للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقلُّ الأسنان في ذلك (١) -[فنتبين] (٢) أنها ليست آيسة (٣)، فماذا تفعل؟ فإن استمرت عليها الدماء (٤)، تخلت عن العدة، وتخلصنا عن تفريع أمرها.

وإن تباعد الحيض (٥)، فما الطريق؟ وإلى متى الانتظار؟ لم أعثر في هذا المنتهى إلا على مسلكين أقْربُهما ما ذكره القاضي من أن الحيض بعد وقوعه إذا ارتفع، احتسبنا من وقت ارتفاعه ثلاثة أشهر، وقلنا: إنها خلت عن العدة، ثم قد [يتغير] (٦) هذا كما سنذكره، إن شاء الله، وإنما قلنا هذا، لأنا لا نجد مردّاً نستمسك به، فليس إلا اعتبار صورة العدة، وفي بعض التصانيف: أنا على هذا القول ننتظر الحيض تسعة أشهر: أغلب مدة الحمل، وهذا -وإن كانت الحاجة ماسةً إلى متعلق- لا أصل له، ولست [أدري] (٧) هل يُجري صاحبُ هذا القول الأربعَ سنين.

ثم قال القاضي: إذا شرعت في الاعتداد بالأشهر، ورأت الدمَ، وبطل ما كان مرّ من الأشهر، فتستأنف ثلاثة أشهر، وجهاً واحداً، وقد ذكرنا وجهين في التفريع على أنها لا ترد إلى سن اليأس، بل تؤمر بأن تتربص إلى تسعة أشهر، أو أربع سنين، فإذا حاضت في الاعتداد بالأشهر بعد التسعة أو بعد الأربع، ثم رأت دماً، ثم تباعد، وأعادتْ مدةَ التربص، كما أوجبناه، فهل تبني على ما مضى من عدتها أم تستأنف؟

فإذا كنا نُفرِّع على أنها مردودة إلى سن اليأس، فإذا افتتحت الأشهر، ورأت الدم، ثم تباعد، استفتحت الأشهر ولم تَبْنِ وجهاً واحداً، هكذا ذكره القاضي، وفرّق بأنا على القولين القديمين لسنا نبغي قُرباً من اليقين، فضلاً عن اليقين؛ فإنا نكتفي بتربصٍ


(١) المعنى: أن من بلغت سن اليأس، ثم عادت، فرأت الدم على أدوار، فهو حيض بلا خلاف، ولكن الصغيرة التي لم تبلغ سنَّ الإدراك إذا رأت الدم لا يعد حيضاً، وهذا هو الفرق الذي أثبته الإمام.
(٢) في الأصل: يتبين.
(٣) أي بعودة الدم بعد بلوغها أقصى السن تبيّناً أنها ليست آيسة.
(٤) أي استمرت عليها الدماء ثلاثة قروء، فتنتهي عدتها، وتنقطع قضيتها.
(٥) أي عاد الدم وانقطع.
(٦) في الأصل: تغيير.
(٧) زيادة اقتضاها السياق.