للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أعلم بها، فمن ذلك مجيء القرآن شافعاً لأصحابه في يوم القيامة، وأن البقرة وآل عمران تأتيان كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف تحاجّان عن أصحابهما. ففي صحيح مسلم عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرؤوا الزاهروين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيابتان (١) ، أو فرقان (٢) من طير صواف تحاجان عن أصحابهما " (٣) .

وروى مسلم أيضاً عن النواس بن سمعان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان، أو ظلتان بينهما شرق (٤) ، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما " (٥) .

وهذا القول رجَّحه ابن حجر العسقلاني ونصره، فقال: " والصحيح أن الأعمال هي التي توزن، وقد أخرج أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من حسن الخلق ".

الثاني: أن الذي يوزن هو العامل نفسه، فقد دلَّت النصوص على أن العباد يوزنون في يوم القيامة، فيثقلون في الميزان أو يخفون بمقدار إيمانهم، لا بضخامة


(١) الغيابة: أقل كثافة من الغمامة، وأقرب إلى رأس صحبها.
(٢) فرقان: طائفتان.
(٣) مشكاة المصابيح: (١/٦٥٦) ورقم الحديث: ٢١٢٠.
(٤) شرق، أي: ضوء ونور.
(٥) مشكاة المصابيح: (١/٦٥٦) . ورقم الحديث: ٢١٢١.

<<  <   >  >>