للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البَعث خَلق جَديد

يعيد الله العباد أنفسهم، ولكنهم يخلقون خلقاً مختلفاً شيئاً ما عما كانوا عليه في الحياة الدنيا، فمن ذلك أنهم لا يموتون مهما أصابهم البلاء (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) [إبراهيم: ١٧] ، وفي الحديث الذي يرويه الحاكم بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: " يا بني أَوْدٍ، إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تعلمون المعاد إلى الله، ثم إلى الجنة أو النار، وإقامة لا ظعن فيه، وخلود لا موت، في أجساد لا تموت " ورواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) بنحوه (١) .

ومن ذلك إبصار العباد ما لم يكونوا يبصرون، فإنهم يبصرون في ذلك اليوم الملائكة والجن، وما الله به عليم، ومن ذلك أن أهل الجنة لا يبصقون ولا يتغوطون ولا يتبولون.

وهذا لا يعني أن الذين يبعثون في يوم الدين خلق آخر غير الخلق الذين كانوا في الدنيا، يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: " النشأتان نوعان تحت جنس: يتفقان ويتماثلان ويتشابهان من وجه، ويفترقان ويتنوعان من وجه آخر، ولهذا جعل المعاد هو المبدأ، وجعله مثله أيضاً.

فباعتبار اتفاق المبدأ والمعاد فهو هو، وباعتبار ما بين النشأتين من الفرق فهو مثله، وهكذا كل ما أعيد، فلفظ الإعادة يقتضي المبدأ والمعاد.. " (٢) .


(١) سلسلة الأحاديث الصحيحة: (٤/٢٣١) ، ورقم الحديث: ١٦٦٨.
(٢) مجموع فتاوي شيخ الإسلام: (١٧/٢٥٣) وقد أطال الشيخ رحمه الله تعالى في بيان المعنى الذي نقلناه عنه. فارجع إليه إن شئت المزيد من الإيضاح والبيان.

<<  <   >  >>