للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وانفطرت بعظيم هول يوم القيامة والملائكة قيام على أرجائها وهي حافات ما يتشقق ويتفطر، فما ظنك بهول تنشق فيه السماء بعظمها، فأذابها ربها حتى صارت كالفضة المذابة تخالطها صفرة لفزع يوم القيامة كما قال الجليل الكبير: (فكانت وردةً كالدهان) [الرحمن: ٣٧] ، (يوم تكون السماء كالمهل - وتكون الجبال كالعهن) [المعارج: ٨-٩] .

فبينا ملائكة السماء الدنيا على حافتها إذ انحدروا محشورين إلى الأرض للعرض والحساب، وانحدروا من حافتيها بعظم أجسامهم وأخطارهم وعلو أصواتهم بتقديس الملك الأعلى الذي أنزلهم محشورين إلى الأرض بالذلة والمسكنة للعرض عليه والسؤال بين يديه.

فتوهم تحدرهم من السحاب بعظيم أخطارهم وكبير أجسامهم وهول أصواتهم وشدة فرقهم منكسين لذل العرض على الله عز وجل. فيا فزعك وقد فزع الخلائق مخافة أن يكونوا أمروا بهم، ومسألتهم إياهم: أفيكم ربنا؟ ففزع الملائكة من سؤالهم إجلالاً لمليكهم أن يكون فيهم، فنادوا بأصواتهم تنزيهاً لما توهمه أهل الأرض: سبحان ربنا، ليس هو بيننا، ولكنه آتٍ من بعد، حتى أخذوا مصافهم محدقين بالخلائق منكسين رؤوسهم لذل يومهم. فتوهمهم، وقد تسربلوا بأجنحتهم، ونكسوا رؤوسهم في عظم خلقهم بالذل والمسكنة والخشوع لربهم، ثم كل شيء على ذلك وكذلك إلى السماء السابعة، كل أهل سماء مضعفين بالعدد، وعظم الأجسام، وكل أهل سماء محدقين بالخلائق صفاً واحداً.

حتى إذا وافى الموقف أهل السماوات السبع والأرضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين وأدنيت من رؤوس الخلائق قاب قوس أو قوسين، ولا

<<  <   >  >>