للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصيام الحقيقي:

إن الصيام الحقيقي ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع فحسب، كما يفهم كثير من الناس، بل الصيام الحقيقي هو صيام جميع الجوارح عن الحرام، وانقيادها وخضوعها للحق، هكذا يفهم أهل العلم والإيمان وكذلك يفعلون.

فالصوم الشرعي هو إمساك عن جميع ما لا يرضي الله عز وجل من المعاصي صغيرها وكبيرها، فتصوم جميع الجوارح عن المساخط والرذائل؛ فاللسان يصوم عن قول الزور والباطل، والسوء والفحش، والبذاء والتعدي على الآخرين بالطعن والثلب ونحو ذلك من سَقط الكلام وعيبه. والعينان تصومان عن النظر إلى الحرام من الأعراض الممنوعة والعورات المستورة. والأذنان تصومان عن سماع اللهو والخنا، والنمِّ والتعييب للخلق. والرجلان تصومان عن الخطوات إلى الحرمات والثبات على العثرات.

فإذن الصوم التام أن يصوم القلب والعقل والنفس كلها عما لا ينبغي ديناً وخلقا.

هذا هو صيام العبادة، لا صوم العادة الذي عليه أكثر الصائمين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " (ليس الصيام من الأكل و الشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فلتقل: إني صائم إني صائم) (١).

وقال علي رضي الله عنه: "إن الصيام ليس من الطعام والشراب، ولكن من الكذب والباطل واللغو" (٢).

وقال جابر رضي الله عنه: "إذا صمت فليصمْ سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم


(١) رواه البيهقي، السنن الكبرى (٤/ ٢٧٠)، والحاكم (١/ ٥٩٥)، وابن خزيمة (٣/ ٢٤٢)، وهو صحيح.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٧٢).

<<  <   >  >>