للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهلمي لأريك ما تركوا منه، فأراها قريبا من ستة أذرع» وتقدم أن هذا يرد قول بعضهم: أن ابن الزبير أدخل في بنائه جميع الحجر.

قال بعضهم: وهذا منه صلى الله عليه وسلم تصريح بالإذن في أن يفعل ذلك بعده صلى الله عليه وسلم عند القدرة عليه والتمكن منه.

وقد قال المحب الطبري: وهذا الحديث يعني حديث عائشة رضي الله تعالى عنها يدل تصريحا وتلويحا على جواز التغيير في البيت إذا كان لمصلحة ضرورية أو حاجية أو مستحسنة.

قال الشهاب ابن حجر الهيتمي: ومن الواضح البين أن ما وهى وتشقق منها في حكم المنهدم أو المشرف على الانهدام فيجوز إصلاحه، بل يندب بل يجب هذا كلامه.

وفي شعبان سنة تسع وثلاثين وألف جاء سيل عظيم بعد صلاة العصر يوم الخميس لعشرين من الشهر المذكور هدم معظم الكعبة، سقط به الجدار الشامي بوجهيه، وانحدر معه في الجدار الشرقي إلى حد الباب، ومن الجدار الغربي من الوجهين نحو السدس، وهدم أكثر بيوت مكة، وأغرق في المسجد جملة من الناس خصوصا الأطفال، فإن الماء ارتفع إلى أن سد الأبواب.

وعند مجيء الخبر بذلك إلى مصر جمع متوليها الوزير محمد باشا وهو الوزير الأعظم الآن: أي في سنة ثلاثة وأربعين وألف جمعا من العلماء كنت من جملتهم، ووقعت الإشارة بالمبادرة للعمارة، وقد جعلت للوزير المذكور في ذلك رسالة لطيفة وقعت منه موقعا كبيرا، وأعجب بها كثيرا، حتى أنه دفعها لمن عبر عنها باللغة التركية، وأرسل بها لحضرة مولانا السلطان مراد أعز الله أنصاره، وذكرت فيها أن الحق أن الكعبة لم تبن جميعها إلا ثلاث مرات المرة الأولى: بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام. والثانية: بناء قريش، وكان بينهما ألفا سنة وسبعمائة سنة وخمس وسبعون سنة. والثالثة: بناء عبد الله بن الزبير: أي وكان بينهما نحو اثنتين وثمانين سنة: أي وأما بناء الملائكة وبناء آدم وبناء شيث لم يصح. وأما بناء جرهم والعمالقة وقصي فإنما كان ترميما. ولم تبن بعد هدمها جميعها إلا مرتين: مرة زمن قريش، ومرة زمن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه.

وحينئذ يكون ما جاء في الحديث «استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع، وقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة» معناه قد يهدم مرتين ويرفع في الهدم الثالث من الدنيا.

وذكر الإمام البلقيني أن كون ابن الزبير أول من كسا الكعبة الديباج أشهر من

<<  <  ج: ص:  >  >>