وهذا ظن خاطئ، لا يجوز بمثله رد السنة الصحيحة؛ لاسيما إذا كان قد رواها جمع من الصحابة بلغوا بضعة عشر شخصاً؛ فكيف يجوز أن يخفى على هؤلاء الأجلة أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما فعل ذلك للحاجة لا للعبادة؛ لا سيما وفيهم مالك بن الحويرث رضي الله عنه - وهو الذي روى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله له: " صلوا كما رأيتموني أصلي " -؛ مع العلم بأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فكيف يخفى ذلك على هؤلاء، ثم يعلمه مَنْ جاء مِنْ بعدهم بعدة قرون - مثل الطحاوي، وابن القيم -، ولا دليل لهم على ذلك ولا برهان سوى الظن {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا} ؟! وليس عجبي أن يسلك هذا السبيل مثلُ الطحاوي الذي نصب نفسه لتأييد مذهب أبي حنيفة - إلا نادراً -؛ ولكن عجبي الذي لا ينتهي سلوك ابن القيم هذا السبيل وهو ناصر السنة، وحامل لوائها، ورافع رايتها! ولكن لا بد لكل جواد من كبوة؛ بل كبوات! ورحم الله إلإمام مالكاً حيث قال: ما منا من أحد إلا رادّ ومردود عليه؛ إلا صاحب هذا القبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. نعم؛ لقد احتج ابن القيم رحمه الله على ترك الاعتماد على اليدين بحديث ذكره في رسالة " الصلاة " عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة. ولكن قوله في هذا الحديث: إذا نهض. زيادة غير صحيحة؛ تفرد بها محمد بن عبد الملك الغزال، وهو كثير الخطأ. فلا يجوزأن يعتمد عليها؛ لا سيما إذا خالفت ما ثبت من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما فعلنا ذلك في " التعليقات الجياد " -.