من الإله جليا كالكتاب أو خفي كالسنة وقد تعلق بظاهر الآية من لم يجوز له الاجتهاد وهو بعيد عن طريق السداد وعن استنباط المعنى المراد وأما ما ذكره ابن عطية من أن ضمير ينطق عائد إلى القرآن وإن لم يجر ذكره لدلالة الكلام عليه أي لا ينطق هذا القرآن بشهوتكم ومرادكم ونسب النطق إليه من حيث يفهم منه الأمور كلها قال تعالى هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ فغير ملائم لمقام المرام (وبصره بقوله: تعالى ما زاغَ الْبَصَرُ) أي ما مال عما رآه إلى ما سواه وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم يحول بصره عما رآه إلى جهة من الجهات (وَما طَغى [النجم: ١٧] ) أي ما تجاوز وما تعدى عن رؤية ما أمر برؤيته غيره في المقام الأعلى بل تثبت فيه ورآه رؤية صحيحة مستقيمة من غير وجل ودهشة وحيرة هذا وقد بقي الكلام على بقية الآيات فيما بين ذلك وهو قوله سبحانه وتعالى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى فظاهره أن الضمير في استوى لجبريل عليه الصلاة والسلام والكناية بقوله تعالى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا مانع من عكس الترتيب في هذا التركيب ولا يبعد أن يكون الضمير أن يرجعان إلى أحدهما والجملة حالية وأما جعل الضميرين لله سبحانه وتعالى فهو غير ظاهر كما لا يخفى ثم قوله تعالى فَتَدَلَّى أي دنى جبريل من محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فتدلى وزاد في القرب وقيل أي دنى محمد من ربه فتدلى وأما قوله تعالى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أي مقدارهما بل أدنى فهو كناية عن كمال القرب فإن كان بين الرسولين فلا إشكال وإن كان بين الله ورسوله فهو كناية عن المكانة أو من الآيات المتشابهات وقد ذكرت بعض الفوائد المتعلقة بأوائل سورة النجم في رسالتي المعمولة للمعراج (وقال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥)) أي بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخر وهي ما عدا النيرين وهو زحل المشتري والمريخ والزهرة وعطارد ومجموع السبعة السيارة نظمت في قوله:
زحل شرى مريخه من شمسه ... فتزاهرت بعطارد أقمار
(الْجَوارِ الْكُنَّسِ [التكوير: ١٥- ١٦] ) أي السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسه أي بيته (إلى قوله: وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ [التكوير: ٢٥] ) وهو كل متمرد من الجن والإنس والدوارب قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (لرجيم) أي مرجوم ومطرود ومبعد وما بينهما هو قوله سبحانه وتعالى وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي أقبل أو أدبر والأول أنسب بقوله تعالى وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أي أسفر قال المصنف (لا أقسم، أي أقسم) يعني على القول بزيادة لا وإلا فالمعنى فلا عبرة بما قالوا في حق القرآن وفي شأن المنزل عليه بل اقسم أي بما ذكر إِنَّهُ أي القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ أي قاله عن ربه كَرِيمٍ أي مكرم معظم، (عند مرسله) وهو الله سبحانه وتعالى ذِي قُوَّةٍ أي صاحب قوة وقدرة (على تبليغ ما حمّله) بتخفيف الميم على صيغة الفاعل وكذا يجوز بصيغة