وغيره من الأمور الغيبية (بظنين) بالظاء المشالة وهو قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي، (أي بمتّهم) يعني من الظنة وهي التهمة، (وَمَنْ قَرَأَهَا بِالضَّادِ فَمَعْنَاهُ مَا هُوَ بِبَخِيلٍ) أي في تبليغ رسالته إلى عموم أمته من الضنة وهي البخل (بالدّعاء به) متعلق ببخيل أي بدعائه الخلق إلى الحق وفي رواية كما في نسخة بالدعاية بالتحتية كالبداية وقيل هي من الادعاء إذا قال في الحرب أنا فلان كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة حنين أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، (والتّذكير بحكمه) أي وبتذكيرهم بأحكام ربهم (وبعلمه) يحتمل أن يعود ضميره إلى الحكم أي وليس ببخيل بعلم كونه واجبا أو مندوبا أو حراما أو مكروها أو مباحا لهم ويحتمل عوده إليه صلى الله تعالى عليه وسلم أي ولا يبخل أن يعلمهم إياه كما علمه ولا يكتم شيئا (وهذه لمحمّد صلى الله تعالى عليه وسلم) أي وهذه الآية وهي وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ على القراءتين صفة لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم (باتّفاق) أي من المفسرين إذ لم يقل أحد بعود ضمير هو إلى جبريل عليه الصلاة والسلام، (وقال تعالى: ن) اسم للحرف أو الحوت وأريد به الجنس أو للحوت الذي عليه الأرض أو للدواة فإن بعض الحيتان يخرج منه شيء أشد سوادا من الحبر يكتب به وينصر الأول سكونه ورسمه بصورة مسماه ويؤيد الثاني قوله تعالى وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ وحينئذ فالأنسب أن يراد به ذلك الحوت بعينه أو المراد جنسه الداخل فيه ويقوي الثالث قوله تعالى (وَالْقَلَمِ [القلم: ١] ) وهو ما كتب به اللوح المحفوظ أو ما يكتب به مطلقا (وما يسطرون) أي يكتبون والكتبة هم الحفظة كراما كاتبين أو الأعم والله أعلم (الآيات) أي الواردة في أول السورة في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم من حسن السيرة والصورة (أقسم الله تعالى بما أقسم به) لكثرة فوائده (من عظيم قسمه) أي تعظيما له وتكريما في تخصيص ذكره (على تنزيه المصطفى) أي تبرئته وتبعيده (ممّا غمصته) بمعجمة ومهملة بينهما ميم أي عابه واحتقره (الكفرة به وتكذيبهم له) أي وعلى تكذيبهم للمجتبي في قولهم له أنه كذاب وساحر ومجنون (وآنسه) من باب الأفعال أو التفعيل أي جعله ذا أنس بقربه ومستأنسا بحبه (وبسط أمله) أي نشر مأموله ومقصوده وأكثر له رجاءه فيما شاءه (بقوله محسنا) من باب التفعيل أو الأفعال حال من ضمير ما قبله أي مزينا (خطابه) في كتابه بقوله (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ [القلم: ٢] ) جواب القسم في الآية ومقول القول في الأصل أي ما أنت بمجنون منعما عليك بالنبوة وغيرها والمعنى أنهم مجانين حيث قالوا إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ والحال أنك أعقل العقلاء وافضل العلماء وأكمل العرفاء وسيد الأنبياء وسند الأصفياء والأولياء (وهذه) أي الحالة العظيمة أو المنقبة الجسيمة المأخوذة من قوله آنسه وبسط أمله أو التأنيث باعتبار الخبر وهو قوله (نهاية المبرّة في المخاطبة) أي غاية الإحسان والمطاوعة في المكالمة والمجاوبة (وأعلى درجات الآداب في المحاورة) أي المراجعة والمراددة (ثمّ) أي بعد أن نزهه وبرأه عما لا يليق به مما نسبوا إليه (أَعْلَمَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَعِيمٍ دَائِمٍ) أي أبد الآبدين (وثواب غير منقطع) أي غير ممتنع في زمان