للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحين (لا يأخذه عدّ) أي لا يضبطه عد ولا يحيط به حد (ولا يمنّ به عليه) من الامتنان أي ولا يجعله تحت الامتنان مع أن له المنة في الإحسان افتعال من المن وهو الإحسان الذي تمن به على غيرك وفي نسخة ولا يمن به عليه يقال من وأمتن عليه إذا عد عليه بمعروف اسداه إليه صنعه وقيل الامتنان عد الصنيع لإظهار الفضل، (فقال، وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي غير منقطع أو غير ممنون به عليك فإنه يعطيك بلا واسطة، (ثمّ أثنى عليه بما منحه) أي أعطاه (من هباته) جمع هبة أي موهوباته وتفضلاته، (وهداه إليه) أي ودله عليه والحاصل أن المصنف رحمه الله تعالى جمع بين أقوال المفسرين في معنى قوله غَيْرَ مَمْنُونٍ أي غير منقطع وهو قول الأكثر أو غير محسوب ولا معدود وهو قول طائفة أو غير ممتن به وهو قول ضعيف ذكره الهروي في غريبه، (وأكّد ذلك) أي الذي يدل على ما منحه (تتميما للتّمجيد) من المجد وهو الكرم والعظمة أي تكميلا للتعظيم والتكريم بنسبته إليه (بحرفي التّوكيد) وهما ان واللام (فَقَالَ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [الْقَلَمِ: ٤] ) قيل استعظمه لفرط احتماله أذى قومه مع مبالغتهم في عداوتهم وهو يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (قيل) أي في تفسير خلقه العظيم (القرآن) أي ما فيه من مكارم الأخلاق ومن ثم قيل هو ما أمره الله بقوله خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم في تفسيره صل من قطعك وأعط من حرمك وأعف عمن ظلمك وهذا القول هو المروي عن عائشة رضي الله عنها أنها لما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالت كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ يَرْضَى بِرِضَاهُ وَيَسْخَطُ بِسُخْطِهِ، (وقيل الإسلام) وهو المنقول عن ابن عباس والمراد بالإسلام ههنا هو التوحيد الحقيقي والانقياد الظاهري والباطني لأوامر الله وأحكامه وقضائه وقدره كما قال تعالى لإبراهيم عليه الصلاة والسلام أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ، (وقيل الطّبع الكريم) ولذا كان يخالق الناس بمكارم الاخلاق ويخالطهم بلطفه وارفاقه وهو المنقول عن الماوردي، (وقيل ليس لك همّة) أي مقصد ونهمة (إلّا الله) أي الذي بيده كل رحمة ونعمة فكان مع الخلق بقالبه مباينا لهم بقلبه وهذا منسوب إلى الجنيد. (قال الواسطيّ أثنى عليه بحسن قبوله) أي أثنى الله على نبيه بقبوله الحسن (وحسن إقباله) أي ذي المنن (لما أسداه إليه من نعمه) أي لما أوصله إليه وأولاه من نعمه الظاهرة والباطنة في دنياه وأخراه (وفضّله بذلك) أي بما ذكر (على غيره) أي من جميع خلقه (لأنّه جبله) أي طبعه وخلقه (على ذلك الخلق) وفي نسخة على تلك الخلق فالخلق بمعنى الخصلة أو السجية (فسبحان اللّطيف) أي بعباده يرزق من يشاء (الكريم) أي الذي وسع كرمه كل شيء (المحسن) أي الذي لا يستغني أحد عن إحسانه وبره وامتنانه (الجواد) أي الكثير العطاء والجود بالنسبة إلى كل موجود (الحميد) الذي يحمده كل أحد من مخلوقاته وهو حامد لأنبيائه وأصفيائه القائمين بوظائف طاعاته وعباداته وفي أصل الدلجي المجيد أي ذي المجد والكرم ففي الحديث القدسي والكلام الأنسي وذلك أني جواد ماجد رواه الترمذي والبيهقي (الذي يسّر الخير) أي سهله وفي نسخة

<<  <  ج: ص:  >  >>