للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخير أي هيأ إهلاله كما قال تعالى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (وهدى إليه) أي ودله عليه كما قال تعالى وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (ثمّ أثنى على فاعله) أي فاعل الخير نحو قوله تعالى إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (وجزاه عليه) أي أثابه بما منحه عليه في الدنيا ووعد له بالمزيد في العقبى بنحو قوله تعالى إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ هذا (سبحانه) اسم للتسبيح بمعنى التنزيه وقد يجعل علما له فيقطع عن الإضافة ويمنع الصرف ثم نصبه بفعل ترك إظهاره ويصدر به الكلام للتنزيه عن السوء والملام فهذا أيضا معنى قوله (سبحانه) بدلا مما قبله (ما أغمر) بالغين المعجمة فميم وراء في نسخة ما أعم (نواله) بفتح النون والصيغة للتعجب أي ما أكثر عطاءه (وأوسع إفضاله) بكسر الهمزة أي بره وإحسانه (ثمّ سلّاه) من التسلية وهي التعزية والتهنئة والمعنى أزال عنه ما حز به من الغم وكربه من الهم (بعد هذا) أي بعد هذا المدح والثناء ووعد البر والعطاء وأبعد الدلجي حيث قال أي بعد ما قالوه (عن قولهم) متعلق بسلاه أي عن مقول الكفار في حقه مما لا يليق بجنابه وهو في أصل الدلجي متصل بسلاه وقوله بعد هذا (بما وعده به من عقباهم) بضم العين أي من سوء عاقبتهم الذي هو وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين وفي نسخة من أعقابهم أي عذابهم وحجابهم (وتوعّدهم) أي وبما أوعدهم وخوفهم (بقوله: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) [القلم: ٥] . الثّلاث الآيات) أي إلى قوله تعالى وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وهو منصوب بأعني أو أقرأ ويجوز رفعه وخفضه كما تقدم والضمير في فستبصر للنبي صلى الله عليه وسلّم وفي ويبصرون للكفار وهذا الإبصار إما في هذه الدار وإما في دار القرار للأبرار وفي دار البوار للفجار والمعنى فستر أو فستعلم ويبصرون بأيكم المفتون أي أيكم الذي فتن بالجنون والباء مزيدة أو بأيكم الجنون على أن المفتون مصدر بمعنى الفتنة كما قالوا ليس له معقول أي عقل ما فالمعنى بأيكم الفتنة وهي كناية عن الفساد والجنون الذي رموه به أو بأي الفريقين الجنون ابفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين أي في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم فالباء على هذا ظرفية وخلاصته في أي فريق منكم الرجل المفتون ثم ختم الله سبحانه تعالى الآية بوعيدهم ووعد نبيه صلى الله عليه وسلّم فأوعدهم بقوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ووعده بقوله تعالى وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فكأنه قال هو أعلم بالمجانين على الحقيقة واليقين وهو أعلم بالمهتدين بحيازتهم كمال العقل في الدين (ثمّ) أي بعد أن مدحه الله وسلاه متوعدا إياهم (عطف) أي التفت وكر (بعد مدحه على ذمّ عدوّه) قيل هو الأخنس بن شريق وكان ثقيفا ملصقا في قريش والأظهر أنه الوليد بن المغيرة ونقل الثعلبي في تفسيره أنه أبو جهل ونسب هذا إلى ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وقيل هو عتبة بن ربيعة وكثير الله من المفسرين على أن جميع الصفات التي في هذه الآيات إنما جاءت أجناسا ولم يرد بها رجل بعينه بل المراد أن كل من يكون متصفا بوصف منها فلا تطعه فيها (وذكر سوء خلقه) أي وعلى ذكر سوء خلق عدوه، (وعدّ معايبه) أي وعلى تعداد قبائح مبغضه (متولّيا) أي مباشرا بنفسه (ذلك بفضله) أي من غير وجوب شيء عليه (ومنتصرا لنبيّه صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>