يخلف كلامه ولم يتغير من الوجع مرامه كما يقع للمرضى ممن لا يرتبط نظامه (استفهموا) بكسر الهاء أي استخبروا القائل بمنعه أو النبي عليه الصلاة والسلام عما أراده أفعله أولى أم تركه، (فقال) النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (دعوني) أي اتركوني في حالي وترك مقالي (فإنّ الّذي أنا فيه) من مراقبة ربي ومحاسبة قلبي (خير) مما أنتم فيه من تنازع وضير ولعله عليه الصلاة والسلام ظهر له في رأيه أو أوحي إليه أولا أن الخير في كتابته فهم بها ثم تبين له أو أوحي إليه أن الخير في تركها فتركها (وفي بعض طرقه) كما في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن خلاد عن سفيان (فقال) أي قائل (إنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يهجر) بكسر الجيم مع فتح أوله بتقدير استفهام إنكار. (وفي رواية) كما في البخاري (هجر) أي أهجر قال ابن الأثير أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض مرامه وهذا أحسن ما قيل ولا يصحح أن يجعل أخبارا فيكون من الفحش والهذيان والقائل كان عمر رضي الله تعالى عنه ولا يظن به ذلك انتهى (ويروى أهجر) بهمزة الاستفهام وضبط في نسخة بضم الهاء وكسر الجيم أي اترك أمر كتابته وفي أخرى بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح الجيم يقال اهجر في منطقه إذا فحش وأكثر في كلامه فالاستفهام مقدر في الكلام، (ويروى أهجرا) بهمزة الاستفهام وضم هاء وسكون جيم منصوبا والتقدير أيهجر هجرا يعني لا وقد افراد ابن دحية تأليفا في اختلاف الرواة في هذه اللفظة؛ (وفيه) أي وفي الحديث من بعض طرقه (فقال عمر إنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كتاب الله حسبنا وكثر اللّغط) بفتحتين وهو اختلاف الأصوات والكلام بحيث لم يتميز فيه الصواب والغلط (فَقَالَ قُومُوا عَنِّي وَفِي رِوَايَةٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ البيت) أي حاضروه من أهل البيت وغيرهم (واختصموا) أي تنازعوا واختلفوا (فمنهم من يقول قرّبوا) أي كاتبا (يكتب لكم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي يملي لأجلكم (كتابا) فيه ذكركم (ومنهم من يقول ما قال عمر) أي عندنا كتاب الله حسبنا مقتبسا من قوله تعالى أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ وهذا من عمر مؤذن بحسن نظره وصحة فكره ولذا وافقه عليه الصلاة والسلام وأعرض عن كلام غيره من الأنام ولا يعارضه قول ابن عباس أن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبين أن يكتب لأن عمر كان أفقه من ابن عباس لعلمه بأن الله تعالى قد أكمل دينه ورسوله قد بلغ أمره ثم الخير فيما اختاره الله وقدره، (قال أئمّتنا) أي المالكية أو الأشعرية أو أهل السنة والجماعة (في هذا الحديث) أي حديث ابن عباس (إنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم غير معصوم من الأمراض) أي العارضة على ظاهره دون باطنه كغيره من الأنبياء (وَمَا يَكُونُ مِنْ عَوَارِضِهَا مِنْ شِدَّةِ وَجَعٍ وغشي) بفتح وسكون أي إغماء (ونحوه) أي ما ذكر (ممّا يطرأ) أي يقع ويحدث (على جسمه) أي ظاهر جسده (معصوم أن يكون منه) أي يصدر عنه (من القول) مما لا ينبغي (أثناء ذلك) أي في خلال ذلك المرض العارض هنالك (ما) موصولة أو موصوفة (يَطْعَنُ فِي مُعْجِزَتِهِ وَيُؤَدِّي إِلَى فَسَادٍ فِي شريعته من هذيان) بفتحتين