وعلى التنزل يمكن أن يكون مراده المغايرة في معنى حل على القول بزيادة لا أيضا ولذا قال (أَيْ أُقْسِمُ بِهِ، وَأَنْتَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ حلال لك) أي من دخول الحرم بغير إحرام والمعنى أنت به حلال حال كونه خالصا لك (أو حل لك ما فعلت فيه) أي من قتل بعض المشركين في عام الفتح حيث قال صلى الله تعالى عليه وسلم إن مكة حرمها الله تعالى يوم خلق السموات والأرض لم تحل لأحد قبلي ولا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس (على التّفسيرين) أي على القولين للمفسرين في معنى الحل أنه من الحلول أو من الحلال لا تفسيري كونها زائدة ونافية كما ذكره الدلجي، (والمراد بالبلد عند هؤلاء مكّة) وهو المشهور عند الجمهور. (وقال الواسطيّ، أي نحلف) كان الأولى أحلف (لك) وقال الحجازي يروى بحلولك (بهذا البلد الذي شرّفته بمكانك) أي بكونك وإقامتك (فيه حيّا وببركتك ميّتا يعني المدينة) فيه بحيث لأنه يحتمل أنه أراد به مكة أيضا لأنه شرفها بمكانه فيها حيا ويصل إليها بركاته مماتا وإن بعد عنها دفنا بل هذا هو الأظهر معنى والأوفق مبنى فلا يحتاج إلى قوله، (والأوّل) أي من قولى البلد أهي مكة أم المدينة (أصحّ لأنّ السّورة مكيّة) أي اتفاقا (وما بعده يصحّحه) أي يؤيده ويوضحه (قوله تعالى) بدل مما بعده: (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ [البلد: ٢] ) وفيه أنه لا يظهر وجه تصحيحه ولا بيان توضيحه لأن حلوله في المدينة أظهر لشموله حيا وميتا ولا بدع أن الآية نزلت إشارة إلى ما سيقع من القضية (وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَطَاءٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تعالى: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين: ٣] ) أي الآمن أو المأمون فيه يأمن فيه من دخله (قال) أي ابن عطاء (أمّنها الله تعالى) بهمزة ممدودة ويجوز بالقصر والتشديد ففي القاموس آمنه وأمنه فاندفع به اعتراض الحلبي أي جعل مكة ذات أمن (بمقامه) أي بسكناه (فيها وكونه بها فإنّ كونه) أي وجوده فيها (أمان حيث كان) صلى الله تعالى عليه وسلم وأغرب التلمساني حيث قال والأمين فعيل كمفعل أو مفعول وهذا على زيادة لا وعلى نفيها فالقسم به دونها انتهى ووجه غرابته لا يخفى لأن البلد الأمين في سورة التين وليست هي مصدرة بلا أقسم حتى يستقيم هذا القسم والله أعلم وفي نسخة زيادة ثم هذا القول من ابن عطاء لا يخلو عن نوع غطاء فإن الله سبحانه وتعالى جعله بلدا آمنا قبل ظهوره صلى الله تعالى عليه وسلم كما قال تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ والمراد بالبلد الأمين مكة باتفاق المفسرين وهذه جملة معترضة بين المتعاطفين بقوله (ثمّ قال تعالى: وَوالِدٍ وَما وَلَدَ [البلد: ٣] من قال) أي كمجاهد (أراد آدم) أي بقوله تعالى وَوالِدٍ (فهو عامّ) أي في جميع ولده ولا يبعد أن يراد به خلاصة افراد الأولاد وسلالة العباد وسيد الأنبياء وسند الاصفياء الذي قيل فيه لولا وجود الخاتم ما كان ذكر لآدم صلى الله تعالى عليه وسلم، (ومن قال هو إبراهيم وما ولد) أي من أولاده الصلبية يعني إسماعيل وإسحاق وأسباطه من أنبياء بني إسرائيل من نسل يعقوب وسبطه الأعظم وحافده الأفخم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم من نسل إسماعيل الجميل