يأني البيت الجليل مع والده الخليل وربما يقال هو المقصود بالذات من إبراهيم وولده الكريم كما أنه زبدة الكائنات وخلاصة الموجودات ولذا قال المصنف (فهي) أي الآية المذكورة (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إِشَارَةً إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله تعالى عليه وسلم فتتضمّن السّورة) أي المسطورة (القسم به صلى الله تعالى عليه وسلم في موضعين) أي بحسب المتعاطفين من حيث كونه ولدا لإبراهيم وكونه والدا بشهادة ما في الكشاف ونقله ابن الجوزي عن ابن عمران الجوني انه صلى الله تعالى عليه وسلم هو المراد بالوالد ونصره القرطبي بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إنما أنا لكم بمنزلة الوالد وقد ذكر البيضاوي القولين حيث قال ووالد عطف على هذا البلد والوالد آدم أو إبراهيم وما ولد ذريته أو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم والتنكير للتعظيم وإيثار ما على من لمعنى التعجب كما في قوله وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ أي بأي شيء وضعت يعني موضوعا عجيب الشأن غريب البرهان فاندفع ما قاله المنجاني من أن ما تقع على ذوي العقول عند النحويين على أن كثيرا منهم قالوا إن من يختص بذوي العقول وما عام ويؤيده قوله تعالى وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها وإن قال بعضهم إن المراد بها معنى الوصفية المنبئة عن العظمة كأنها قيل والشيء القادر الذي بناها ودل على وجوده وكمال قدرته وجوده بناؤها وأنت ترى أن هذا تكلف مستغنى عنه إذ جوز أن ما ترد بمعنى من على في القاموس كقوله تعالى وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ثم وقع التناقض بين قولي المنجاني حيث قال فيلزم على قول القاضي أن تكون ما في الآية واقعة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك خروج بها عما قرر النحويون لها والذي يظهر في الآية والله تعالى أعلم أن الوالد والولد اسما جنس عامان لكل والد ومولود وهو قول ابن عباس فيكون قوله سبحانه وتعالى وَما وَلَدَ على هذا التأويل جاء منبها على العاقل الذي لم يلد إذ لو اقتصر في الآية على ذكر الولد لخرج منها من لم يلد ولدا البتة انتهى ووجه التناقض لا يخفى إذ جنس المولود من قبيل ذوي العقول في المعنى فيؤول إلى قول القاضي في المعنى غايته أنه أراد الفرد الأكمل من الجنس الثاني بل لو أريد به الفرد الأفضل من النوعين لا يبعد لصدق الوالدية والولدية عليه ثم التنبيه الذي ذكره لا يخفى على الفقيه النبيه حيث إن المراد بما ولد ما ولده الوالد من آدم أو إبراهيم أو جنس الوالد. (وقال تعالى: الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ) قيل فيه صنعة التبديل من علم المعمى في استخراج الاسماء والتقدير ألف لام ميم الحمد فيبقى محمد فهو نداء أو مبتدأ خبره ذلك الكتاب أي هو النسخة الجامعة في الرتبة اللامعة والمرتبة الساطعة واسطة بين الخالق والخليقة (لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة: ١- ٢] ) وسيأتي الكلام فيه (قال ابن عبّاس رضي الله عنهما) أي فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (هذه الحروف) أي المقطعة في أول هذه السورة وأمثالها من سائر السور المسطورة (أقسام) جمع قسم بمعنى مقسم به (أقسم الله تعالى بها) وفي نسخة بهذا أي بما ذكر على طريق