للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا جاءت السنة أن يسأل الله تعالى باسمائه وصفاته، فيقال: أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان. إلى آخره.

وكذلك قوله: ((اللهم إنى أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، بأسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة)) . مع أن هذا الدعاء الأخير في جواز الدعاء به قولان: فقد قال الشيخ أبو الحسن القدورى في كتابه بشرح الكرخي المعروف به والمشهود عنه في باب الكراهية:

فصل

قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله تعالى إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك، أو بحق خلقك. وأبو يوسف لم يكره الأول. وقال: أكره بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت والمشعر الحرام.

قال القدورى: المسألة بخلقه لا تجوز، لأنه لا حق للمخلوق على الخالق.

وقال البلدجى في شرح المختار: وبكره أن يدعو الله تعالى إلا به، فلا يقول: أسألك بفلان أو بملائكتك أو بأنبيائك ونحو ذلك، لأنه لا حق للمخلوق على الخالق: وهذا من أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وغيرهما، ويقتضى المنع أن يسأل الله تعالى بغيره ولا يقال: إن الرب سبحانه اقسم بمخلوقاته فلم لا يجوز أن نقسم بمخلوقاته، لأن قسمة سبحانه من باب مدحه وذكر آياته، بخلافنا ولو أقسمنا بغيره لأن الشارع منع من ذلك.

وأما القسم على الله تعالى مثل أن يقول: أقسمت عليك يارب لتفعلن كذا فهو جائز، كما كان يفعل البراء بن مالك وغيره من السلف. فقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((رب أشعث أغبر ذى

<<  <   >  >>