حَدَّثَنَا
٣٦٨٥٥ - خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ , وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُدْعَى نَاجِيَةَ يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ , حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدِيرًا بِعُسْفَانَ يُقَالُ لَهُ غَدِيرُ الْأَسْطَاطِ فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الْأَسْطَاطِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ , تَرَكْتُ قَوْمَكَ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدِ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ , وَتَرَكْتُ عُبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ , وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَاذَا تَقُولُونَ؟ مَاذَا تَرَوْنَ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ , قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ مَرَّتَيْنِ وَمَا صَنَعَتْ , فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ» , قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا , وَمَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ , أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ , فَإِنْ أَتْبَعْنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , الْأَمْرُ أَمْرُكَ وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ , فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْفِعْلِ , فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ وَلَا الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ فَتْرَةَ الْجَيْشِ وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ , فَبَرَكَتْ فَقَالَ: حَلْ حَلْ , فَلَمْ تَنْبَعِثْ , فَقَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ , قَالَ: «إِنَّهَا وَاللَّهِ مَا خَلَأَتْ , وَلَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ , وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ , أَمَّا وَاللَّهِ لَا يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً، وَلَا يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا» , ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ , فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ عَوْدُهُ عَلَى بَدْئِهِ , حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرُّضًا , فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِلَّةَ الْمَاءِ , فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ , فَأَمَرَ رَجُلًا فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ , فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ , فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ , فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ , قَالَ: «يَا بُدَيْلُ , إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ , إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ , وَإِلَّا فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ , هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ , وَيُخَلُّونَ فِيهَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ , فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ، أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ , وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا» , قَالَ بُدَيْلٌ: سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ , فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ , فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ: لَا تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا , وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ: بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ، وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ , قَالَ: وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ , فَوَثَبَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ , أَلَسْتُ بِالْوَلَدِ وَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ , أَوَلَسْتُ قَدِ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ , فَلَمَّا مَلَجُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي , قَالُوا: بَلَى , قَدْ فَعَلْتَ , قَالَ: فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ , قَالُوا: فَاذْهَبْ , فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ ⦗٣٨٨⦘ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ، كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ لَا يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ , وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: أَنْ يُجْتَاحَ قَوْمُكَ , فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطُّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ , وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ , فَإِنِّي لَا أَرَى مَعَكَ إِلَّا أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ , لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَلَا وُجُوهَهُمْ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَضِبَ: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ , أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ أَوْ نُسْلِمُهُ , فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا وَاللَّهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ , وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ , وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ , فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ , وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ , حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , قَالَ عُرْوَةُ: أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ , وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ الْأَمْسِ بِعُكَاظٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ , فَقَامَ عُرْوَةُ فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ , عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ , وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ , وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ , وَاللَّهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ , وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ , فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ , فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ , قَالُوا: اجْلِسْ وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ: الْحُلَيْسُ , فَقَالُوا: انْطَلِقْ فَانْظُرْ مَا قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ , فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا عَرَفَهُ ; قَالَ: هَذَا الْحُلَيْسُ , وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ , فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ , فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنَتٌ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ , قَالُوا: اجْلِسْ: وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , فَبَعَثُوهُ , فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلِأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ , فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ , فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ , فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: قَدْ بَعَثَنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمِ، اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ: مَا أَعْرِفُ اللَّهَ وَلَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , قَالَ سُهَيْلٌ: إِذًا لَا أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: لَا أُقِرُّ , لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا خَالَفْتُكَ وَلَا عَصَيْتُكَ , وَلَكِنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا , قَالَ: «اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى , قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ ⦗٣٨٩⦘ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي , وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ بِنَاحِيَةٍ , فَأَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ , فَقَالَ: نَعَمْ , قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى , قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ; قَالَ: دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ , فَإِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ وَلَنْ يَعْصِيَهُ , وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ، قَالَ: أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلَا حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ , وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ , فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ قَدْ خَلَا لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ , فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ , فَقَالَ , هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ ; فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا سُهَيْلُ، إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ , قَالَ: وَلَا أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ , قَالَ: فَشَأْنُكَ بِهِ، قَالَ: فَهَشَّ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي , فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ وَعُمَرُ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ , وَمَعَكَ السَّيْفُ , فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ , فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ , فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ رَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ وَأَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ , فَكَأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ , فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا نَرَاهَا مِنْكَ صِلَةً أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْكَ وَتَجْمَعَهُمْ , فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ , وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَقْضِي نُسُكَهُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ , فَقَالُوا: لَا تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا , فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلَاثًا , وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلنَّاسِ: قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ، وَاحْلِقُوا وَحِلُّوا , فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلَا تَحَرَّكَ , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ , فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ , فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ , مَا بَالُ النَّاسِ , أَمَرْتُهُمْ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا وَأَنْ يَحْلِقُوا وَأَنْ يَحِلُّوا فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ , قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , اخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ وَدَعَا حَلَّاقًا فَحَلَقَهُ , فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ , وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَضُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا , لِكُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ "