فَقَالَ الشيخ: وهمت فِي ظنك، ثيابي هِيَ النجسة جمعتها عَنْك لئلا تنجس ثيابك لا لكي تنجس ثيابي ومن آداب العزلة أَن يحصل من العلوم مَا يصحح بِهِ عقد توحيده لكي لا يستهويه الشَّيْطَان بوساوسه ثُمَّ يحصل من علوم الشرع مَا يؤدي بِهِ فرضه ليكون بناء أمره عَلَى أساس محكم والعزلة فِي الحقيقة اعتزال الخصال المذمومة فالتأثير لتبديل الصفات لا للتنائي عَنِ الأوطان ولهذا قيل من العارف؟ قَالُوا: كائن بائن يعنى كائن مَعَ الخلق , بائن عَنْهُم بالسر.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: البس مَعَ النَّاس مَا يلبسون وتناول مِمَّا يأكلون وانفرد عَنْهُم بالسر، وسمعته يَقُول: جاءني إِنْسَان وَقَالَ: جئتك من مسافة بعيدة فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث من حيث قطع المسافة ومقاساة الأسفار فارق نفسك بخطوة وَقَدْ حصل مقصودك.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان المغربي يَقُول: من اختار الخلوة عَلَى الصحبة ينبغي أَن يَكُون خاليا من جَمِيع الأذكار إلا ذكر ربه , وخاليا من جَمِيع الأرادات إلا رضا ربه , وخاليا من مطالبة النفس من جَمِيع الأسباب، فَإِن لَمْ يكن بِهَذِهِ الصفة فَإِن خلوته توقعه فِي فتنة أَوْ بلية وقيل: الانفراد فِي الخلوة أجمع لدواعي السلوة.
وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: انظر أنسك بالخلوة أَوْ أنسك مَعَهُ فِي الخلوة , فَإِن كَانَ أنسك بالخلوة ذهب أنسك إِذَا خرجت منها , وإن كَانَ أنسك بِهِ فِي الخلوة استوت لَك الأماكن فِي الصحارى والبراري.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن حامد يَقُول: جاء رجل إِلَى زيارة أَبِي بَكْر الوراق فلما أراد أَن يرجع قَالَ لَهُ: أوصني فَقَالَ: وجدت خير الدنيا والآخرة فِي الخلوة والقلة وشرهما فِي الكثرة والاختلاط.