للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على المجني عليه فقط، وإنما تقع على المجتمع كله؛ لأنها تنتهك حرمته وتهدد مسيرته، وتقلق هدوءه، وتعوق تقدمه، وإذا كان ضررها عاما فإن العلاج الناجع ليس في ترك الفلسفات والأهواء التي تعمل عملها في درء العقوبة عن المجرمين لأسباب وتعليلات لا تستند إلى دليل مما يؤدي إلى إقلاق شأن الآمنين، وإنما في مجابهة مواطن الداء بكل حزم، تأمل قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ١.

لذلك كانت الواقعية والموضوعية والحزم في تقرير العقوبات في الفقه الإسلامي هي أكمل السبل وأتمها في تقرير نوعية العقوبة، وبهذا المسلك الحازم يبعد شبح الجريمة، وتصلح مسيرة الناس جميعًا، ويسود الأمن والاستقرار.

فقسا ليزدجروا ومن يك حازما ... فليقسُ أحيانا على من يرحم

خامسا: العقوبات تكتنفها الرحمة:

قد يظن البعض أن هذه العقوبات فيها شدة على الجناة، وعدم مراعاة لظروف ضعفهم والدوافع التي أحاطت بجريمتهم.. ولكن الدارس للفقه الإسلامي يجد أن رحمة الله بخلقه أصدق وأبقى وأشمل من كل ما يُدعى ويقال، ويكفي أن نشير هنا إلى بعض الجوانب التي تتجلى فيها الرحمة:

١- فقد وضع المشرع شروطا متعددة لإقامة الحد، بعضها في


١ الآية ٢ من سورة النور.

<<  <   >  >>