المفروضة على كل إنسان فهي الصورة التي يحملها بيسر معظم الأفراد من الناس، وتلك هي الواقعية بكل معانيها المقبولة.
ومن أمثلة الخطأ في تصور المثالية ما حصل لبعض أصحاب الرسول صلوات الله عليه وبعض الصحابيات من تصورات أدت بهم إلى مبالغات في العبادة نهاهم رسول الله عنها، وأرشدهم إلى ما هو أفضل وأدنى إلى الكمال.
ففي صحيحي البخاري ومسلم من عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة، قال:"من هذه"؟ قال: هذه فلانة تذكر من صلاتها. قال:"مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا".
وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر فلا أفطر، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله إليهم فقال:"أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس أيضًا قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: "ما هذا الحبل"؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت به، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"حُلُّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد" رواه البخاري ومسلم.
وبهذا بين الرسول صلى الله عليه وسلم صورة المثالية الصحيحة في العبادات، وأنها ليست بالمبالغة، ولا بالزيادة عن المقدار الذي شرعه الإسلام، وأعطى مثله العملي رسول الله صلى الله عليه وسلم.