وقد سمى الرسول المبالغين في العبادات والمتشددين في الدين متنطعين، وحكم عليهم بالهلاك فقال فيما رواه مسلم عن ابن مسعود:
"هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون".
المتنطعون: هم المشددون في غير موضع التشديد.
ملاحظات عامة حول المثاليات:
بعد أن عالجنا المثاليات بشرح مناسب يجمل بنا أن ننظر في بعض الملاحظات العامة حولها.
الملاحظة الأولى:
لدى التأمل الدقيق نلاحظ أن المثالية في الأهداف والغايات والعقائد أمر ميسور وليس بمعسور في الواقع، بالنسبة إلى مستطاع الإنسان بوجه عام، وبذلك تعدو هذه المثالية مثالية واقعية معًا.
أما مثاليتها فلكونها الصورة المثلى في مجال التصور، وأما واقعيتها فلكونها ممكنة التحقيق بيسر، بالنسبة إلى استطاعة معظم الناس، أو بالنسبة إلى استطاعة كل المكلفين منهم.
إذ ليس عسيرًا على الإنسان أن يقوم بعمل من أعماله الخيرة الواقعية، وأن يبتغي منها في الجانب المثالي القلبي مرضاة الله.
فالواقعية في العمل من الناحية المادية تتسع لتقصيرات كثيرات عن صورة الكمال المنشود، تملي هذه التقصيرات ظروف الإنسان المادية والنفسية والاجتماعية.
أما الجانب القلبي الذي يتيسر فيه تحقيق المثالية في العمل، وذلك عن طريق تحديد الغاية منه بالنية المثالية، فلا يتسع هذا الجانب في نظر الإسلام لأي تقصير عن أدنى درجات الكمال فيه، وذلك بأن يلاحظ في نيته ابتغاء مرضاة الله، وبهذه المثالية في النية يستحق الإنسان رضا الله وثوابه.
كما أنه ليس عسيرًا على الإنسان أن يتطلع إلى الكمال في الأعمال، وينشده مترقيًا إليه قدر استطاعته في حين أنه واقع في تقصيرات كثيرات لدى