للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن يكون أعم من ذلك فعليه يشمل الوجه. وقد ذهب إلى كل من التأويلين جماعة من العلماء المتقدمين وساق أقوالهم قي ذلك ابن جرير في "تفسيره" والسيوطي في "الدر المنثور" ولا نرى فائدة كبرى بنقلها هنا فنكتفي بالإشارة إليها ومن شاء الوقوف عليهما فليرجع إليهما١.

ونحن نرى أن القول الأول أشبه بالصواب لأمور:


١ تنبيه: وأما قول الأستاذ الفاضل المودودي في "الحجاب" "ص٣٦٦" بعد أن ساق الآية: "نزلت خاصة في ستر الوجه"!
فهو فيما علمت مما لم يسبقه أحد من أهل العلم إليه، ولا يوجد له مستند يصلح للاعتماد عليه، اللهم إلا أثر عن كعب القرظي، فإن فيه ما قد يمكن أن يؤخذ منه ما ذكر الأستاذ، ويمكن أن يكون تفسيرًا من القرظي للآية، ومع هذا فإن السند بذلك ضعيف جدًّا لا يجوز الاحتجاج به والاستناد إليه، ويأتي بيان ذلك في الكتاب قريبًا إن شاء الله تعالى.
وكذلك لا يصح ما أورده الأستاذ أيضًا عن ابن عباس في تفسير الآية قال:
"أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من "فوق رءوسهن" بالجلابيب". وعزاه للطبري "٢٢/ ٣٣"، ولم يسقه بتمامه، وتمامه فيه: "ويبدين عينًا واحدة"!.
أقول: لا يصح هذا عن ابن عباس؛ لأن الطبري رواه من طريق علي عنه. وعلي هذا هو ابن أبي طلحة كما علقه عنه ابن كثير، وهو مع أنه تكلم فيه بعض الأئمة، لم يسمع من ابن عباس، بل لم يره، وقد قيل: بينهما مجاهد، فإن صح هذا في هذا الأثر؛ فهو متصل، لكن في الطريق إليه أبو صالح، واسمه عبد الله بن صالح، وفيه ضعف، وقد روى ابن جرير عن ابن عباس خلاف هذا، ولكنه ضعيف الإسناد أيضًا. لكن وقفنا على إسناد آخر له صحيح استدركته فيما تقدم "ص٥٩"، والحمد لله.

<<  <   >  >>