للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في شيء فيوقف عنده". قال:

"وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} ؛ إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك؛ لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق، فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوهن"١.

ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم أو وهلة فاضل عاقل أو افتراء كاذب فاسق؛ لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين وهذه مصيبة الأبد، وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة، وأن الحد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة، ولا فرق وأن تعرض الحرة في التحريم


١ ومن نتائج هذا المذهب أن الجلباب لا يؤمر به أصلًا حين لا يتعرض الفساق، أو حين لا توجد إماء كما في هذا العصر، لانتفاء العلة! وإذا انتفت العلة انتفى المعلول، وقد صرح بهذا بعض من كتب في موضوع المرأة من المعاصرين، فقال في رسالة "القرآن والمرأة" "ص٥٩".
"وننبه على أن الروايات قد ذكرت في شأن آية الأحزاب: أن زي الحرائر والإماء كان واحدًا، وأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء بدون تفريق، فنزلت الآية بالتمييز في الزي بالنسبة للحرائر حتى يعرفن فلا يؤذين بتعرضهم، وبعبارة أخرى: إن الأمر كان لضرورة زمنية خاصة".
فكأنه يريد أن يقول: إنه لا ضرورة الآن إلى الجلباب لزوال علته -بزعمه- بزوال الرق، وبقاء النساء كلهن حرائر! فانظر كيف يوصل الجهل بضعف بعض الروايات إلى تعطيل أمر قرآني وآخر نبوي كما تقدم "ص٧٤" في حديث أم عطية.

<<  <   >  >>