قلت: وهذا إسناد جيد، وهو على شرط مسلم، وصححه الحافظ في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" "١/ ١٢٤". ثم أخرجه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق في "المصنف" أيضًا "٣/ ١٣٦" من طريق قتادة عن أنس قال: "رأى عمر أمة لنا متقنعة، فضربها، وقال: لا تشبَّهي بالحرائر". قال الحافظ: "وإسناده صحيح". قلت: وهو على شرط الشيخين. ثم رواه ابن أبي شيبة من طريق الزهري عن أنس به. وسنده صحيح أيضًا. ورواه الإمام محمد في "الآثار" "ص٣٩ -هندية" من طريق إبراهيم أن عمر بن الخطاب كان يضرب الإماء أن يتقنعن؛ يقول: "لا تشبهن بالحرائر". قلت: وهذا إسناد معضل، وفي الإسنادين الموصولين عن أنس كفاية. ثم وجدت له طريقًا رابعًا في "سنن سعيد بن منصور" "٣/ ٢/ ٧٤". ووجه الاستدلال بهذا الأثر أن عمر -رضي الله عنه- عرف هذه الأمة مع أنها كانت متقنعة بالجلباب؛ أي: متغطية به، وذلك يعني بكل وضوح أن وجهها كان ظاهرًا، وإلا لم يعرفها. وإذ الأمر كذلك؛ فقوله -رضي الله عنه: "إنما الجلباب على الحرائر"؛ دليل واضح جدًّا أن الجلباب ليس من شرطه عند عمر أن يعطي الوجه، فلو أن النساء -كل النساء- كن في العهد الأول يسترن وجوههن بالجلابيب ما قال عمر -رضي الله عنه- ما قال. فليضم إذن هذا الأثر إلى الآثار المتقدمة عن ابنه عبد الله وابن عباس وعائشة -رضي الله عنهم- أن الوجه ليس بعورة.