إلا بعد ذلك: دليل وجود الله من فكرته في ذهننا، ودليل وجود الله من وجود ذهننا مع فكرة كهذه "المواد ١٤، ١٥، ١٦ الدليل الأول، والمواد ١٧، ١٨، ١٩ الدليل الثاني، والمواد ٢٠، ٢١، الدليل الثالث".
أما التشبيه المأخوذ من فكرة آلة صناعية, وهي الفكرة التي تحتاج إلى علة تفسرها فلم يكن موجودا إلا في الردود على الاعتراضات لا في التأملات، وأدخله ديكارت في المبادئ "مادة ١٧"، وفي بقية ذلك اتبع ديكارت في كتاب المبادئ الترتيب الذي اتبعه في كتاب التأملات. وإن بين الكتابين تجاوبا, وعلى الخصوص بين الخاتمة؛ ففي الناحيتين تعالج مسألة الخطأ لا على العموم "فإن نظرية الخطأ في مكانها خلال المناقشة" بل الأخطاء الحقيقية التي نقع فيها أثناء البحث عن الحقيقة، مع إحصائها في البداية وفي النهاية ذكر عللها وعواقبها, وهي إفساد الفلسفة, وآية ذلك التعاليم المدرسية. ومع ذلك, فديكارت يبين هنا بأوضح مما قد بينه في التأملات نصيب الكسب وحرية الاختيار, يفسر الخطأ بضعف الإرادة التي تتراخى، والشك الذي هو كتحرر الذهن هو فعل من أفعال النشاط تمسك به الإرادة زمام نفسها "المواد: ٣١-٤٤".
ويصر فيلسوفنا أكثر مما فعل على فكرة "اللامتناهي" في حين أنه في التأملات قد مال إلى اعتبار الله الموجود الكامل, ومع ذلك فبين الكتابين فرق عظيم، ولو تتبعناه إلى النهاية لأدى إلى توجيه الميتافيزيقا وجهة الأخلاق أكثر من توجيهها وجهة العلم. لكن ديكارت لا يقدر وقوع أمر كهذا, وإنما تقوده فكرة اللامتناهي إلى تفسيرين, كلاهما أدخل في باب العلم: اللامتناهي في العظم
فضاء يضاف إلى فضاء بلا وقوف عند حد, واللامتناهي في الصغر, ومادة تنقسم بلا تناهٍ "المواد ٢٦، ٢٧" فمن الجهتين ينفتح مجال واسع أمام الذهن لمعرفة الكون. ولكن ديكات قد استعمل الحيطة فاستعاض عن "اللامتناهي"