الذي كان أطلقه عليها أولا, والذي وضح شرطين كافيين: الموضوع الكامل وبداهة المبادئ ثم إمكان استخلاص جميع المعلومات التي توجد في الطبيعة, وبعبارة أخرى: هي مزج موفق بين الفيزيقا والرياضة.
وههنا نجد الإصلاح الكبير بل الثورة التي قام بها فيلسوفنا؛ فهو لم يكف عن التصريح بذلك في كتاب المبادئ في خاتمة الأجزاء الأربعة, وفي كل لحظة في صلب الكتاب. وهنالك شخص على الأقل قد فهم ذلك, وبين بوضوح مدى ذلك العمل وهو الأب "بيكو"١, وهو يذكر بحق أن الفيزيقا كانت إلى عهده هي علم الطبيعة كله, وأن الرياضة لم تكن إلا جزءًا منها بين أجزاء أخرى كبيرة, ولكن ديكارت قد قلب ذلك النظام, فالرياضة أصبحت على يديه كل شيء ولن تكون الفيزيقا إلا جزءًا.
والموضوعات التي تدرسها الرياضة تشمل عددا لامتناهيا من الممكنات. والعالم الحقيقي الواقع إنما هو أحد هذه الممكنات وهو خاضع لنفس القواعد ولنفس القوانين التي تخضع لها جميع العوالم الأخرى. وإذن فلكي نفهم العالم الواقع جيدا ينبغي أولا أن نعرف قوانينه، وهكذا تستعاد حقوق الرياضة وامتيازاتها، وبفضل الرياضة تستطيع الفيزيقا -إذ ترضى بأن تصبح تابعة لها- أن تدعي لنفسها شرف العلم الصحيح. وقبل ذلك قال غاليليو بأن الرياضة تعطينا المفتاح, أو هو مكتوب بحروف جفرية والرياضة تعطينا الجفرة؛ ولكن أهي الجفرة الصحيحة الحقيقية الواقعية؟ ما علينا بعد هذا إذا كنا بها نستطيع أن نترجم عن الأشياء أو أن نفسرها. أجل, إن الآثار التي نشاهدها في هذا العالم يمكن أن تتحقق بوسائل غير ما نظن، ولكن هذه معقولة لنا، وتلائم حاجاتنا. وإذن فهي لنا كالوسائل الصحيحة, وتحل عندنا محل الوسائل الحقيقية