والمميزات التي توجد في فلسفته، وفضلها في تقدم المعارف البشرية تقدما مضطردا غير محدود.
وأهدى ديكارت كتاب المبادئ إلى الأميرة "إليزابث" وهي كبرى بنات الناخب البالاتيني "فردريك الخامس" الذي ملك على بوهيميا مدة قصيرة، وأمها هي "إليزابث على ستيوارت" ابنة جاك الأول ملك إنجلترا، ولقد كانت الأميرة إليزابث على جمال نادر وأخلاق رصينة وذكاء متوقد لا يخلو من القلق، وحظ من الثقافة المتينة المنوعة، هذا إلى دراية وحذق للعلوم الرياضية والفلكية والطبيعية، واتصلت الأميرة بالفيلسوف عن طريق المراسلات، فكانت تستشيره لا في الصعوبات التي كانت تلقاها في المسائل العلمية فحسب, بل في شئونها الخاصة, وكان ديكارت يقدر الأميرة تقديرا عاليا لما امتازت به من صفات نادرة. ونعتقد أن الفلسفة كسبت كسبا عظيما من تلك الصلة وما استتبعته من مراسلات ذات قيمة. فإذا كانت كتب الفيلسوف توقفنا على ديكارت الميتافيزيقي والعالم, فإن رسائله إلى الأميرة تكشف لنا عن جوانح الرجل ودخيلته. وهذا ما يجعل لها أهمية فريدة، فإن كل مذهب لا يساوي في الحقيقة إلا ما يساوي صاحبه, وما وضع فيه من نفسه.
وكان في نية ديكارت أن يجعل كتاب المبادئ في ستة أجزاء:
"مبادئ المعرفة, مبادئ الأشياء المادية, السماء, الأرض, النبات والحيوان, الإنسان".
ولكنه لم يستطع إتمام الجزأين الأخيرين لقلة ما لديه من التجارب، فقنع بالأجزاء الأربعة الأولى التي يشمل أولها الميتافيزيقا، ويشمل ثانيها وثالثها ورابعها الفيزيقا المؤسسة على تلك الميتافيزيقا.