للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أشياء كثيرة كانت مجهولة من قبل؛ وبذلك وطأت سبيلا للاعتقاد بأن من الممكن اكتشاف أشياء أخرى غيرها. وقصدي من ذلك أن أستحث بهذا جميع الناس على البحث عن الحقيقة١. ومنذ ذلك الحين، وقد تنبأت بما قد يجده كثيرون من صعوبة في تصور أسس الميتافيزيقا، حاولت أن أشرح أهم مباحثها في كتاب تأملات٢ ليس في الأصل كبيرا، ولكن زاد حجمه واتضحت مادته كثيرا بما أضيف إليه من اعتراضات أرسلها إلي بصدده أشخاص كثيرون من المتجرين جدا في العالم، ومن ردود قيدتها على تلك الاعتراضات. وأخيرا لما بدا لي أن تلك الرسائل السابقة قد مهدت أذهان القراء لتلقي مبادئ الفلسفة رأيت أيضا أن أنشر هذه المبادئ.

وقد قسمت الكتاب أربعة أجزاء, يحتوي الأول منها على مبادئ المعرفة، وهو ما يمكن أن يسمى الفلسفة الأولى أو الميتافيزيقا. ولكي يفهم جيدا يجعل أولا أن يقرأ كتاب "التأملات" الذي كتبته في هذا الموضوع٣ والأقسام الثلاثة الأخرى أعم ما في الفيزيقا، أعني: تفسير القوانين الأولى أو مبادئ الطبيعة، وعلى أي نحو خلقت السموات والنجوم والثوابت والكواكب والشهب والكون كله على العموم, وعلى الخصوص طبيعة هذه الأرض وهذا الهواء والماء والنار والمغناطيس، وهي الأجسام التي يمكن أن نراها عموما محيطة بها، والطبيعة جميع الصفات التي نلحظها في الأجسام، كالنور والحرارة والثقل وما شابه ذلك. وبهذا أحسب أني بدأت أفسر الفلسفة كلها بترتيب، دون أن أغفل شيئا مما يجب تقديمه على الأشياء الأخيرة التي كتبت عنها.


١ الهندسة كتاب ذو أهمية كبرى في تاريخ العلوم الرياضية، فيه عرض لأهم الكشوف التي توصل إليها ديكارت في الرياضة.
٢ يشير إلى كتاب التأملات في الفلسفة الأولى, الذي ظهر باللاتينية سنة ١٦٤١، ونشرت ترجمته الفرنسية بقلم الدوق دولوين سنة ١٩٤٧ "انظر: ترجمتنا العربية، الطبعة الثانية سنة ١٩٥٦".
٣ القسم الأول من كتاب "المبادئ" الذي ننشره اليوم: هو خلاصة لمبادئ الميتافيزيقا الديكارتية.

<<  <   >  >>