للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن من حيث إنه يحدث كثيرا أننا نخطئ أحيانا، وإن لم يكن الله مضلا١, فإننا إذا أردنا أن نبحث عن علة أخطائنا وأن نكشف عن مصدرها لكي نصححها، وجب أن ننتبه إلى أنها لا تعتمد على أذهاننا بقدر اعتمادها على إرادتنا، وأنها ليست أشياء أو جواهر تحتاج إلى تدخل الله بفعله لإحداثها, فهي بالقياس إليه ليست إلا أسلوبا٢، أي: إنه لم يعطنا كل ما كان يمكن أن يعطينا، وأننا نرى بذلك أنه لم يكن مضطرا إلى أن يعطينا إياه، في حين أن هذه الأخطاء بالقياس إلينا هي عيوب ونقائص.

٣٢- في أنه ليس فينا إلا نوعان من الفكر، وهما: إدراك الذهن, وفعل الإرادة:

ذلك أن جميع أنماط التفكير التي نلحظها في أنفسنا يمكن إرجاعها إلى نمطين عامين: أحدهما: الإدراك بالذهن، والآخر: التصرف بالإرادة. وعلى ذلك, فالإحساس والتخيل بل تصور الأشياء العقلية المحضة ليست إلا أنماطا مختلفة للإدراك، ولكن الرغبة والنفور والإثبات والإنكار والشك هي أنماط مختلفة من الإرادة.

٣٣- في أننا لا نخطئ إلا حين نحكم على شيء لم يعرف لنا معرفة كافية:


١ يقول ديكارت في التأمل الرابع: "إن من المحال أن يضلني الله، إذ إن في الخداع أو الغش نقصا. ولئن يكن يبدو أن استطاعة المخادعة من علامات البراعة والقوة، فلا جرم أن تعد المخادعة دليلا على الضعف أو على الخبث، وهما أمران لا يمكن أن يوجدا في الله" ""التأملات" ترجمتنا العربية، الطبعة الثانية ص١٢٨".
٢ يقول ديكارت في الأمل الرابع: " ... إن الخطأ من حيث هو خطأ ليس شيئا واقعيا مرده إلى الله، إنما هو نقص فحسب، فإذا أخطأت لم أكن بحاجة إلى ملكة من عند الله لهذا الغرض خاصة، وإنما مرجع خطئي هذا إلى ما منحني الله من قوة على تمييز الصواب من الخطأ هي عندي قوة متناهية محدودة". "التأملات، ترجمتنا العربية، الطبعة الثانية ص١٢٩".

<<  <   >  >>