يقدره من قبل. فمن الميسور أن نتورط في صعوبات عويصة جدا لو أردنا أن نوفق بين حرية إرادتنا وبين أوامر الله، وحاولنا أن نفهم هاتين الحقيقتين، وكأن عقولنا تستطيع أن تتناول حرية اختيارنا وتقدير العناية الأزلية فتحيط بهما إحاطة١.
٤١- كيف يمكن التوفيق بين الحرية الإنسانية, وبين سبق التقدير الإلهي:؟
في حين أننا لن نجد عناء في التخلص من تلك الصعوبات إذا التفتنا إلى أن فكرنا متناهٍ، أن قدرة الله الشاملة -تلك القدرة التي علم بها كل ما هو كائن أو ما يمكن أن يكون, بل أراده منذ الأزل- هي قدرة لامتناهية. والحاصل أننا نملك من العقل ما يكفي لأن نعرف بوضوح وتميز أن تلك القدرة في الله؛ وليس لدينا منه ما يكفي لأن نفهم مدى تلك القدرة إلى الحد الذي نعلم معه كيف تأذن بأن تكون أفعالنا بتمامها حرة غير مقيدة, وإننا من جهة أخرى لواثقون من الحرية وعدم التقيد القائمين فينا بحيث لا نعرف شيئا بوضوح أكثر مما نعرفهما؛ ولذلك لا ينبغي أن تكون قدرة الله الكاملة مانعة لنا من هذا الاعتقاد, فإن من الخطأ أن نشك فيما ندركه "جوانب" ونعلم بالتجربة وجوده في أنفسنا؛ لأننا لا نفهم شيئا آخر نعلم أنه ممتنع على الفهم بطبيعته.
٤٢- كيف أننا, وإن لم نكن نريد قط أن نخطئ, إنما نخطئ مع ذلك بإرادتنا:؟!
ولكن بما أننا نعلم أن الخطأ متوقف على إرادتنا, وأن أحدا لا يريد أن يخطئ فقد يعجب المرء لوقوع الخطأ في أحكامنا، ولكن يحسن أن نلاحظ أن
١ انظر كتابنا "ديكارت" الطبعة الرابعة ١٩٥٧، ص١٩٢ وما بعده، وقارن ما يقول ديكارت بما قاله الإسلاميون "الإيجي: "المواقف"".