للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدهم القادرون عند التطبيق على أن يهبوا أنفسهم من أجل الفكرة, وهم وحدهم المؤهلون لأن يتخذهم الآخرون مثالا.

يكذب الماركسيون ذلك, ويستشهدون بموقف المارشال السابق بيتان الذي اعتمد على الخلط بين المفهومين ليصور خيانته بأنها تغليب لروح التضحية على روح المتعة.

لهذا السبب اتهم إنجلز الفلاسفة المدافعين عن البرجوازية بالنفاق, وبأن كلماتهم الكبيرة عن المثالية أو المثل الأعلى ليست سوى ورقة التوت التي يحاولون بها ستر عورة النظام الرأسمالي الذي يفرض الاستغلال, والقهر على الأغلبية الكادحة.

".... أما المثالية فتعني بالنسبة له "أي: بالنسبة للبرجوازي المشار إليه في الحاشية"١ الإيمان بالفضيلة وحب الإنسانية جمعاء, وبشكل أشمل الإيمان بعالم أفضل، وهو ما يصرح به أمام الآخرين ولكنه لا يؤمن به إلا عندما يحس بالصداع بعد سكرة شديدة, أو عندما يفلس....."٢.

على الصعيد الفلسفي، تنتقد الماركسية الفلسفات المثالية؛ لأنها تحط من شأن المعرفة العلمية وتسعى لإخضاع العلم للدين، وتفسر الاكتشافات العلمية بطريقة مشوهة. إلا أنه وإن كانت الماركسية تنكر الميتافيزيقا, فإنها تهتم اهتماما كبيرا بالفلسفة بصفتها المفهوم المادي الجدلي للواقع أي: للطبيعة والمجتمع.

أما تاريخ الفلسفة فتنظر إليه الماركسية على أنه الصراع الأزلي بين المادية والمثالية، بين الجدل والميتافيزيقا. وهو كذلك تاريخ التناقضات التي تجلت بين محتوى وشكل المذاهب الفلسفية، وبين محتوى الفكر الفلسفي والمفاهيم الفلسفية التي تعبر عنه. من جهة أخرى، فإن مشاكل الفلسفة في المفهوم الماركسي تتجلى في العلاقة بين الفكر والواقع بمعنى ضرورة الانطلاق من الواقع إلى


١ جورج بوليتزير، المادية والمثالية في الفلسفة، مرجع سابق، ص١٤، ١٥, المادية الديالكتيكية، مرجع سابق، ص١٥، انظر فيما يلي، الفصل العاشر، حاشية ٢.
٢ المادية الديالكتيكية، مرجع سابق، ص١٥.

<<  <   >  >>