للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافات لانهائية, وفي رأيه أن مهمة المنهج البراجماتي في مثل تلك الحالات هي محاولة تفسير كل فكرة منها بتتبع, أو استقصاء نتائجها العملية١.

يعتقد جيمس أن الفكرة الصادقة هي تلك التي تؤدي إلى النجاح في الحياة, وأن الاعتقاد أو الدين الصحيح هو الذي ينتهي إلى تحقيق أغراض نافعة في دنيا الواقع. يترتب على ذلك أن الأفكار والمعتقدات لا تطلب لذاتها بشكل مجرد, وإنما كوسائل لتحقيق أغراض في دنيا الواقع.

إن الحق ليس مجرد صفة عينية تقوم على طبيعة الفكرة, أو العقيدة كما زعم الفلاسفة الصوريون، وإنما هو قابلية الفكرة لأن تكون أداة للسلوك العملي في الواقع. وفي ذلك يقول وليام جيمس: "إن التفكير هو أولا وأخيرا ودائما من أجل العمل, كما أن الحق ليس إلا التفكير الملائم لغايته"٢.

في مجال الأخلاق، يعتبر السلوك الإنساني فاضلا متى حقق نفعا للإنسان, وبذلك يصبح معيار الصواب والخطأ هو القيمة المنصرفة أو الفورية Cash Value في دنيا الواقع, وينتفي وجود الحق في ذاته بعيدا عن ظروفه, أي: يصبح الحق كالسلعة, قيمتها تقدر بثمنها الذي يدفع فيها فعلا في السوق.

يتمثل الشق الثاني من البراجماتية -كما شرحه جيمس- في موضوع التحقق أو التجربة, فصدق الفكرة أو صوابها هو عملية التحقق منها بالتجربة. وبهذا التفسير يتحول الحق إلى "التحقق" من منفعة أو فكرة بالتجربة, وذلك استنادا في نظره إلى أن العلم يجعل النظرية أداة للسيطرة على الطبيعة.

انطلاقا من ذلك يعتبر جيمس أن الصراع بين النظريات المختلفة عبث, وأن انشغال الباحثين بمحاولة إثبات أيها حق وأيها باطل هو مضيعة للوقت


١ W. James, Pragmatism, op. cit., p. ٤٢,
توفيق الطويل، أسس الفلسفة، مرجع سابق، ص٦٣، ٣٩٤، ٣٩٥.
٢ A. Wolf, Recent and Contemporary Philosophies. ٥٦٦, ٥٧٧.
استشهد به الدكتور توفيق الطويل, مرجع سابق, ص٣٩٤-٣٩٦.

<<  <   >  >>