للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن حياته تزخر بالضيق, وتنتهي بالموت والعدم, فكانت بهذا قصة هزيمة ويأس وتشاؤم.

ويرى بعض الفلاسفة المعاصرين أن الوجودية تعتبر من أظهر الأعراض التي توحي بانهيار المذاهب الفلسفية في عصرنا. فقد علق الفيلسوف الفرنسي إميل برييه على كتاب سارتر "في الوجود والعدم" بأنه رغم ما يتضمنه من التحليل الدقيق, فإنه ينطوي على ألوان من خيبة الرجاء يصادفها الفيلسوف في بحثه عن الوجود١.

أما الماركسية, فقد قدمت تفسيرا آخر لطبيعة الموضوعات التي تناولتها الفلسفة الوجودية, ولأسباب تلك النغمات المفجعة. فهي أولا تضع الوجودية على قدم المساواة مع الفلسفة الوضعية من حيث إنهما تنفيان إمكانية معرفة العالم الموضوعي، وتطرحان جانبا مفهوم الوجود الموضوعي ذاته, وبذلك تقفان إلى جانب المثالية الذاتية.

من هذا المنطلق تعتبر الماركسية أن الفلسفة الوجودية هي أحد تيارات الفلسفة البرجوازية المعاصرة, وتسوق على ذلك مثالا من كتابات الفيلسوف الوجودي الفرنسي ألبير كامي التي يذهب فيها إلى اعتبار العلاقة بين التفكير والوجود مسألة بلا معنى إلى حد عميق, وفارغة كأية مسألة علمية مثل مسألة دوران الأرض حول الشمس أو العكس.

بذلك يصبح الشيء الوحيد الذي له معنى هو الوجود الذي يفهم منه الوجود الشخصي الفردي للـ"أنا"، أنا كما أبدو لنفسي. تؤدي هذه الذاتية إلى انقلاب الفلسفة كلها إلى أخلاقية فردية، إلى نفسية ذاتية، وتفسر هذه الأخيرة بروح الأنانية. بالمثل توجه الماركسية النقد إلى الفيلسوف الوجودي الألماني


١ E. Brehier, Les Themes Actuels de la Philosophie., Paris ١٩٥٤, pp. ٦٩ ff.
استشهد به الدكتور توفيق الطويل، أسس الفلسفة، مرجع سابق، ص٨٤، ٨٥.

<<  <   >  >>