للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صوابا, إذ قال: إن الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى. إن الصراع الذي هو لب السياسة يظل سياسيا سواء تمت ممارسته شفاها أو بعنف؛ وبالتالي فإن القوة العسكرية يمكن اعتبارها فرعا من السلطة السياسية وليست بديلا عنها.

يفترض التقسيم الأخير احتمال وجود فروع أخرى لتلك السلطة. نذكر منها على سبيل المثال القوة الاقتصادية, والقوة التي يمكن أن تكمن في نظام التعليم أو جهاز الدعاية. وعلى مستوى آخر يمكن التفرقة بين قوة الإقناع وقوة القهر مع ملاحظة أن توفر قوة القهر يزيد غالبا من القدرة على الإقناع. وعلى مستوى ثالث يمكن أن نميز بين أنواع متعددة من عناصر القوة المادية وعناصر القوة غير المادية, وخاصة إذا كان مجال البحث هو السياسة الدولية١.

إن العيب الرئيسي في اختيار السلطة السياسية كمدخل للبحث هو افتقارها إلى الدقة؛ نظرا للمعاني الكثيرة التي ينصرف إليها الذهن عند ذكر لفظ سلطة أو قوة. كذلك فإن الظروف والأوضاع التي يمكن أن تعبر فيها عن نفسها تختلف اختلافا بينا، كما أن مصدرها يمكن أن يتراوح تراوحا شديدا بين قواعد الآداب واللياقة, وبين امتلاك سفن الفضاء. لهذا فإنه من الطبيعي بالنسبة لمثل هذا الاصطلاح الذي يغطي أشكالا كثيرة من الأحداث والعلاقات ألا يكون على قدر كافٍ من الوضوح.

يزيد من غموض الاصطلاح أن الداعين إلى استخدام ذلك المدخل لا ينظرون إليه من زاوية مشكلة السلطة, وإنما على أساس أنه تعريف للسيلسة بصفتها صراعا من أجل السلطة. هذا بينما نلاحظ أنه من الناحية الواقعية نادرا ما يتصارع الأفراد على المسرح السياسي من أجل السلطة فقط, وإنما يسعون أيضا إلى تحقيق أغراض أخرى.


١ C. J. Friedrich Man and His Government, op. cit., pp. ١٦٦ ff.

<<  <   >  >>