المعكوسة، إلا مثل الجعل يتأذى من رائحة المسك والورد الفواح ويحيا بالعذرة والغائط في المستراح فسحقا لأمثال هده العقول سحقا ومحقا لهن اللهم محقا. فلما تمادى بنا ذلك الحال، ومرت به علينا سنون وأحوال، حتى فتح الله تعالى لعباده باب حرية المقال، بعد ما قد كانوا ألجمهم الاستبداد المفرط بلجوم السكوت على مر الأحوال، وألقمهم حجر الصمت على ما هو أعيا من الداء العضال، غير أنه وقع الناس في اضطراب وارتباك وجدال وتفرق الناس فرقا مختلفة المسالك والمذاهب. وتحزبوا أحزابا غير مؤتلفة المشارب، وكان من تلك الفرق جمعية الاتحاد المحمدي المتجمعة لطلب العمل بالشرع الأحمدي، قوى الله عضدها، وأيد ساعدها، وأخذ بأيديها، وبدد شمل أعاديها، ألهمني الله تعالى أن أكتب نبذة شافية صدور الذين أوتوا العلم والذين يريدون أنهم بهدى ربهم يهتدون، على شريطة الاختصار في المقال حذرا من السآمة والملال وأبين اضطرار الناس إلى الشريعة جدا، وأجمع بعض الآيات الدالة على أغناء القرآن بالسنة النبوية المبينة عن جميع الشرائع السابقة والقوانين البشرية الشيطانية اللاحقة، ليكونوا على بصيرة من أمرهم، ويحذروا من كيد عدوهم ومكرهم.
[فأقول] وأنا أبرأ إلى الله من القوة والحول. وأستغفره من زلل العقل والقوة. معلوم لكل من عنده أدنى مسكة من عقل أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق هذا الخلق عبثا كما قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} .
وكما قال:{أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدى} أي مهملا هملا لا يؤمر ولا ينهى كما قال الشافعي- أو لا يثاب ولا يعاقب كما قال غيره