للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله بوضع الأحاديث بزعمهم، وما وضع للتكسب به كالقصاص، ومن ذلك أيضاً ما وقع خطأ من بعض المغفلين من الصوفية، وضعفاء الحفظ، ممن لا عناية لهم بالحديث.

وهذا الأمر مستمر متجدد في كل عصر، فيجب على علماء هذا الشأن بيان وجه الحق فيما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث لا سيما التي لم يسبق لها بيان، ويخشى من عدم ثبوتها.

فالأحاديث التي من هذا القبيل لا تجوز روايتها مسندة، أو غير مسندة، إلا على جمعة بيان حالها، لخطورة أمرها، لأن روايتها من غير بيان حالها تفصيلاً أو جملة، يؤدي إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على ذلك ابن الصلاح١ والنووي٢ وابن حجر٣ وغيرهم.

قال النووي٤: "تحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعاً أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثاً علم أو ظن وضعه ولم يبين حال رواية وضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه الحديث "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

وقال: أنه لا فرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع خلافاً للكراهية إلى أن قال وخالفوا صريح هذه الأحاديث المتواترة والأحاديث الصريحة المشهورة في إعظام شهادة الزور وخالفوا إجماع أهل الحل والعقد وغير ذلك من الدلائل القطعيات في تحريم الكذب على آحاد الناس فكيف بمن قوله شرع وكلامه وحي"!!

وإذا نظر إلى قولهم وجد كذباً على الله تعالى فإن الله تعالى قال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ٥.

قال الشافعي: "إذا كان الحديث عندك كذباً فحدثت به فأنت أحد الكاذبين"٦.

وقد تقدم بعض الأحاديث المحذرة من ذلك وبيان وعيده.


١المقدمة: ٤٧.
٢التقريب المطبوع مع التدريب ١٧٨
٣نزهة النظر ٤٧.
٤ شرح النووي ١/٩٥، ٩٦
٥ النجم: الآية:٣
٦ تحذير الخواص ١٣٢

<<  <   >  >>