للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رؤوس المنابر، فلا ينبغي الإكتفاء بذلك، لأنهم إذا سمعوا التلفظ برسول الله صلى الله عليه وسلم ظنوا أنه حديث صحيح لجهلهم بقواعد علم الحديث وحصول هذا كثير مشاهد١.

ويؤيده قول علي- رضي الله عنه- "حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله"٢.

والأولى الإحتياط في ذلك كله، ما دام الحديث ضعيفاً فلا يروى أو ينقل إلا مقروناً ببيان حاله من غير تمييز بين ما كان في الأحكام والعقائد، وما كان في فضائل الأعمال.

ولهذا كان بعض الأئمة كابن خزيمة٣ إذا روى حديثاً ضعيفاً بسنده قال: حدثنا فلان مع البراءة من عهدته، وربما قال هو والبيهقي "إن صح الخبر"٤.

قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: "والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب على كل حال لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه، أنه حديث صحيح، خصوصاً إذا كان الناقل من علماء الحديث الذي يرجع إلى قولهم في ذلك"٥.

وقال الترمذي: "وقد روى غير واحد من الأئمة عن الضعفاء وبينوا أحوالهم"٦

قال الشاطبي: "ولو كان من شأن أهل الإسلام الأخذ بكل ما جاء عن كل ما جاء لم يكن لانتصابهم للتعديل والتجريح معنى، مع أنهم قد أجمعوا على ذلك، ولا كان لطلب الإسناد معنى يتحصل"٧.

القسم الثاني: ما اشتد ضعفه، على اختلاف أنواعه، بأن يكون لوضاع أم متروك أو ما أشبه ذلك.

وقد كثرت الأحاديث التي من هذا القبيل، وانتشرت في بطون الكتب، ككتب التفاسير والسير والترغيب والترهيب وغيرها.

وقد أوجدت لغايات مختلفة وأغراض متباينة، منها عدم الدين كما وقع من بعض الزنادقة، والعصبية المذهبية، والأحوال السياسية، والأغراب لقصد الإشتهار، والتقرب إلى


١ راجع مقدمة صحيح الترغيب والترهيب ص ٢١.
٢صحيح البخاري: العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أو لا يفقهوا فتح الباري١/٢٢٥
٣راجع صحيح ابن خزيمة: ٤/٢٦٣، ٣٥١.
٤فتح المغيث: ١/٢٦٧.
٥الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ٩١.
٦شرح علل الترمذي: ١٠٣.
٧هذا الكلام وتتمته مورد في صفحة ٥٤- ٥٥.

<<  <   >  >>