للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالحسن لا معنى لتخصيص هؤلاء الأئمة بالعمل به وتقديمه على القياس، لأن هذا مذهب جماهير العلماء١.

قال الشيخ أحمد شاكر: "إن الإصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقراً واضحاً، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط"٢.

قلت: هناك فرق بين الحسن الوارد في كلام من تقدم على الترمذي إذا أرادوا المعنى الإصطلاحي وفي كلام الترمذي فأولئك يعنون به الحسن لذاته، والترمذي يريد به الحسن لغيره، لأنه عرف الحسن بأنه ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ فيحتمل أن يكون ابن تيمية ومن نحا نحوه أرادوا به حمل الحديث الضعيف في كلام أحمد وغيره على الحسن لغيره لا لذاته. لأن الحسن لذاته صحيح عند قوم حسن عند آخرين، والحسن لغيره جمع بين صفتين، صفة الضعف وصفة الحسن فإن نظر إلى تفرده فهو ضعيف وإن نظر إلى مجموعه فهو الحسن. والحسن من هذا القبيل حسن عند قوم وضعيف عند آخرين٣.

ويؤيد ذلك تعقيب كلامه بتعريف الترمذي للحسن فيما مضى.

وهذا الذي تقدم منصباً على ما عدا المرسل، أما المرسل فقد أخذ من أخذ به لأن الذي لم يذكر فيه كالمذكور المعدل.

قال الشاطبي: "وكذلك أخذ من أخذ منهم بالمرسل ليس إلا من حيث ألحق بالصحيح في أن المتروك ذكره كالمذكور والمعدل فأما ما دون ذلك فلا يؤخذ به بحال عند علماء الحديث".

والإحتمال الثاني: أنهم أرادوا بتفضيل الحديث الضعيف على القياس الفاسد لأن الحديث وإن كان ضعيفاً لا بد من وجود نسبة في احتمال ثبوته وإن قلّت، لكن لا نستطيع أن نحكم بها لضعف سنده ولتجرده من القرائن والضمائم التي تقويه، وأما القياس الفاسد فبخلاف ذلك.

وذكر الشاطبي وملا علي القاري: "بأن المراد بالقياس الذي ورد تفضيل الحديث الضعيف عليه في كلام أحمد القياس الفاسد الذي لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا إجماع"٤.


١ منهج النقد في علوم الحديث ٢٩٢.
٢ الباعث الحثيث ٩٢.
٣ راجع فتح المغيث ١/١٧.
٤ راجع الإعتصام١/٢٢٦ وقواعد في علوم الحديث ٩٦.

<<  <   >  >>